ما جعله يتزوج مود Maud سليلة الملوك الاسكتلنديين والإنجليز السابقين على عهد النورمان، فطعم بذلك الأسرة المالكة الجديدة بالدم الإنجليزي القديم.
وأرغم هنري الأشراف والقساوسة على أن يقسموا يمين الولاء لابنته ماتلدا وابنها الشاب الذي أصبح فيما بعد هنري الثاني. فلما مات الملك اغتصب العرش استيفن بلوا Blois وحفيد وليم، وظلت إنجلترا أربعة عشر عاماً تعاني كوارث الموت والضرائب الفادحة في حرب داخلية امتازت بأشد ضروبات القسوة والإرهاب (٣٥). وكبر هنري الثاني في هذه الأثناء، وتزوج اليانور الأكتانية Eleanor of Aquitaine واستولى على دوقيتها، وغزا إنجلترا، وأرغم استيفن على الاعتراف به وارثاً للعرش. ولما توفي استيفن صار ملكاً على إنجلترا (١١٥٤)؛ وبذلك انتهى عهد أسرة النورمان وبدأ عهد أسرة البلانتجنت (١). وكان هنري رجلاً حاد الطبع، كثير المطامع، قوي الذهن، يميل بعض الميل إلى الكفر بالله (٣٦). وكانت له السيادة الاسمية على مملكة تمتد من أسكتلندة إلى جبال البرانس، وتشمل نصف فرنسا، ولكنه ألفى نفسه بادي العجز في مجتمع إقطاعي، مزق فيه كبار الأشراف بجنودهم المرتزقة وحصونهم المنيعة الدولة إلى إقطاعيات يحكمونها بأنفسهم، ولهذا شرع الملك بنشاط رهيب يجمع المال والرجال، ويحارب الأشراف ويخضعهم سيداً بعد سيد، ويدمر القصور الإقطاعية الحصينة، ويوطد أركان النظام والأمن والعدالة والسلم. وأخضع لحكم إنجلترا أيرلندة التي غلبها ونهبها قراصنة ويلز؛ وكان في إخضاعها حكيماً مقتصداً في ماله وفي جنده. ولكن هذا الرجل القوي، الذي يعد من أعظم الرجال في تاريخ إنجلترا كله، قد ذل وتحطم حين التقي بتومس أبكت Thomas àBecket، وهو رجل
(١) كان جوفري الأنجووي Jeoffrey of Anjou والد هنري الثاني قد لبس عسلوجاً من نبات الرتم (المسمى Plant genet بالفرنسية) في قبعته.