هنري الثاني وألمانيا في عهد بربروسه، ولعل الأقدار قد ساقته إلى فرنسا في هذا الوقت العصيب، ولولاه لكان من الجائز ألا يبقى لها وجود.
وارتاعت أوربا لزيجاته؛ فقد ماتت إزبلا زوجه الأولى في عام ١١٨٩، وبعد أربع سنين من وفاتها تزوج انجبورج Ingeborg الأميرة الدنمرقية. وكان زواجه هذا وذاك زواجاً سياسياً، فيه من التملك أكثر مما فيه من الغرام. ولم ترق إنجبورج في عين فليب، فهجرها بعد يوم واحد، ولم يمض على زواجه بها أكثر من عام حتى أقنع مجلساً من الأساقفة الفرنسيين أن يجيز له طلاقها، ولكن البابا سلستين الثلث Celestine III أبى أن يوافق على هذا القرار. غير أن فليب تحدى البابا وتزوج في عام ١١٦٩ بأني الميزانية Agnes of Meran؛ فحرمه سلستين، ولكن فليب ظل على عناده وقال في ساعة من ساعات حنانه:"خير لي أن أفقد نصف أملاكي من أن أفارق أني". وأمره إنوسنت الثالث أن يرجع إنجبورج، فلما عصي فليب الأمر حرم البابا الصلب العنيد جميع الخدمات الدينية في أملاك فليب. وثارت ثائرة فليب فخلع جميع الأساقفة الذين أطاعوا أمر الحرمان، وقال في حسرة:"ما أسعد صلاح الدين الذي ليس له من فوقه البابا"، وهدد بأن يعتنق الإسلام (٦١). وواصل حربه الدينية أربع سنين بدأ الشعب بعدها يتذمر خوفاً من عذاب النار، فطرد فليب محبوبته أني (١٢٠٢) ولكنه أبقى إنجبورج محبوسة في إيتامب Etampes حتى عام ١٢١٣ حين ردها إلى عصمته.
وبين هذه الأفراح والاضطرابات فتح فليب نورمندية واستردها من إنجلترا (١٢٠٤)، وضم في السنتين التاليتين بريطاني، وأنجو، ومين، وتورين، وبواتو، إلى أملاكه التي تحت تسلطانه المباشر؛ وأصبح له وقتئذ من القوة ما يستطيع به أن يسيطر على الأدواق، والكونتة، والسادة في جميع أنحاء مملكته. وكان مأموروه وعماله يشرفون على الحكومات المحلية، وصارت