للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأتباع، والسادة؛ ولكنه لا يطيق الاعتداء على سلطة الملك الحديثة العهد؛ ويمنع بعزيمته الماضية أن يقع ظلم من سيد على تابع. وكثيراً ما أنزل أشد العقاب بالبارونات الذين قتلوا أتباعهم من غير محاكمة. ولما أن شنق إنجران ده كوسي Enguerrand de Coucy ثلاثة طلاب فلمنكيين لقتلهم بضعة أرانب برية في ضيعته، أمر لويس بسجنه في برج اللوفر، وهدده بالشنق، ولم يطلقه إلا بعد أن اشترط عليه أن يبني ثلاث كنائس صغيرة تتلى فيها الصلوات كل يوم لأرواح ضحاياه، وأن يهب الغابة التي صاد فيها الطلبة الشبان الأرانب لدير القديس نقولاس، وأن يفقد في مزرعته حق الصيد والحقوق القضائية، وأن يخدم ثلاث سنين في فلسطين، ويؤدي إلى الملك غرامة قدرها ١٢. ٥٠٠ جنيه (٦٥). وحرم لويس الثأر الإقطاعي والحروب الإقطاعية بين الأمراء، ونهي عن المبارزة بوصفها وسيلة من الوسائل القضائية … ولما حلت المحاكمة عن طريق الأدلة والبراهين محل القتال، تخلت محاكم البارونات عن مكانها شيئاً فشيئاً للمحاكم الملكية التي نظمها في كل مقاطعة مأمور الملك، وتقرر حق استئناف أحكام القضاة البارونات إلى محكمة الملك المركزية؛ وشهد القرن الثالث عشر في فرنسا، كما شهد في إنجلترا استبدال قانون الدولة العام بالقانون الإقطاعي. وقصارى القول أن فرنسا لم تنعم منذ أيام الرومان بما نعمت به في عهد لويس التاسع من أمن ورخاء؛ وحسبنا دليلاً على هذا أن ثروة فرنسا في أيامه بلغت من الوفرة درجة ارتفعت بها العمارة القوطية إلى أقصى حدود الكثرة والكمال.

وكان يعتقد أن في مقدور الحكومة أن تكون عادلة كريمة في علاقاتها الخارجية دون أن تفقد بذلك هيبتها وقوتها. وكان يتجنب الحرب أطول أكد مستطاع؛ فإذا لاح خطر الاعتداء عليه نظم جيوشه أحسن تنظيم، ووضع خططه الحربية، وقادها- في أوربا- بجد ومهارة نال بهما سلماً كريمة لم تترك في نفوس أعدائه رغبة في الانتقام. وما كادت فرنسا تتأكد من سلامتها، حتى