عمد الملك إلى سياسة المصالحة التي قبل بمقتضاها التوفيق بين الحقوق المتعارضة ورفض التهدئة الناشئة من إجابة المطالب غير العادلة. وقد رد إلى إنجلترا وأسبانيا أقاليم اغتصبها منهما أسلافه، وأسف لذلك مستشاروه، ولكنه ضمن بعمله هذا استتباب السلام، ونجت فرنسا من الهجوم حتى في أثناء غياب لويس في الحروب الصليبية. ويقول عنه وليم الشارتريسي William of Chartres إن "الناس كانوا يخشونه لأنهم موقنون بعدله"(٦٦). ولم تشتبك فرنسا من ١٢٤٣ إلى ١٢٧٠ في حرب مع عدو لها مسيحي؛ ولما أن أخذ جيرانها يحارب بعضهم بعضاً بذل لويس ما يستطيع من جهد للتوفيق بينهم، وسخر من قول مجلسه إن من الواجب إثارة هذا النزاع لكي تضعف بذلك قوة من قد يصبحون أعداءه في مستقبل الأيام (٦٦). وكان الملوك الأجانب يحكمونه فيما يشجر بينهم من نزاع، وكان الناس يعجبون كيف يستطيع هذا الرجل الصالح أن يكون ملكاً صالحاً.
ولم يكن لويس "ذلك الوحش الكامل الذي لم يعرفه العالم قط"- أي الرجل المبرأ من جميع العيوب. فقد كان يغضب أحياناً، ولعل سوء صحته هو سبب غضبه. وكانت سذاجته تصل في بعض الأحيان إلى حد الجهالة أة السذاجة اللتين يستحق عليهما أشد اللوم، ودليلنا على ذلك ما ارتكبه من خطأ شنيع إذ تورط في الحروب الصليبية والمعارك الخاسرة في مصر وتونس، حيث ضاعت أرواح كثيرة فضلاً عن روحه هو؛ ومع أنه راعى واجب الشرف والأمانة في معاملته أعداءه المسلمين، فإنه لم تطاوعه نفسه على أن يطبق في معاملته إياهم روح التفاهم الكريم الذي نجح به أيما نجاح مع أعدائه المسيحيين. وقد دفعه إيمانه الديني القوي الشبيه بإيمان الأطفال إلى درجة من عدم التسامح الديني ساعدت على إنشاء محكمة التفتيش في فرنسا، وهدأت ما تنطوي عليه نفسه من رحمة نحو ضحايا الحرب الصليبية الألبجنسية. وقد امتلأت خزائنه بالبضائع