"استرداد الأرض المقدسة"(١٣٠٦) آراء تكشف لنا عن الثغرة الواسعة التي كانت تفصل في ذلك الوقت عقلية رجال القانون عن عقلية رجال الكنيسة في فرنسا. من ذلك ما قاله دوبوا من أن الكنيسة يجب ألا تحبس عليها الأموال، وأن تجري عليها من الآن معونة مالية من الدولة؛ ويجب أن تفصل الكنيسة الفرنسية عن روما؛ وأن تجرد البابوية من جميع السلطات الزمنية، وأن تكون الدولة صاحبة السلطة العليا. وقال أيضاً إن فليب يجب أن يعين إمبراطورياً لدولة أوربا الموحدة، وأن تكون القسطنطينية عاصمته؛ وأن تؤلف محكمة دولية لتفصل فيما يشجر بين الأمم من نزاع، وأن تعلن المقاطعة الاقتصادية على أية أمة مسيحية تحارب أمة مسيحية أخرى؛ وأن تنشأ في روما مدرسة للدراسات الشرقية؛ وأن يتاح للنساء جميع ما يتاح للرجال من فرص تعليمية، وأن يتساوين مع الرجال في جميع الحقوق السياسية (٨٦).
وكان هذا العصر عصر شعراء الفروسية الذين يتغنون بالحب العذري في بروفانس؛ وعصر قصاصي الملاحم في شمالي فرنسا، وعصر أغنية رولان Chanson de Roland، وغيرها من الأغاني الرمزية، وأغنية أوكسان ونيقولت Aucassin et Nicolette، وقصة الوردة Roman de la Rose، والعصر الذي ظهر فيه المؤرخان اللذان يعدان طليعتي المؤرخين الفرنسيين البارزين وهما فلاردوين Villardhouin وجوانفيل. ونظمت في هذا العهد الجامعات الكبرى في باريس وأورليان، وأنجير Angers، وطولوز (طلوشة)، ومنبلييه. بدأ هذا العصر بروسلن Roscelin وأبلار Abelare وانتهى بأعلى ما وصلت إليه الفلسفة المدرسية Scholastic Philosophy. وكان عصر النشوة القوطية- التي ظهرت في الكنائس الفخمة الكبرى في سان دنيس، وتشارتر، ونوتردام، وأمين،