للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلم لم يتحقق إلا في عهد ولده. ذلك أن بدرو الثالث (١٢٧٦ - ١٢٨٥)، تزوج ابنة مانفرد ملك صقلية ابن فردريك، وظن أن هذه الجزيرة من حقه هو حين استولى عليها شارل كونت أنجو؛ وبارك البابا استيلاءه عليها، فما كان من بدرو إلا أن ألغي سيادة البابا على أرغونة، وارتضى الحرمان البابوي، وركب البحر إلى صقلية.

وشهدت هذه الفترة في أسبانيا ما شهدته في إنجلترا وفرنسا من قيام الإقطاع واضمحلاله. بدأه الأشراف بأن تجاهلوا أو كادوا يتجاهلون السلطة المركزية، فقد كانوا هم ورجال الدين معفين من الضرائب التي كان عبؤها الباهظ واقعاً على عاتق المدن والتجارة، ثم انتهوا بأن خضعوا للملوك المسلحين بجيوشهم هم، تؤيدهم موارد المدن وحاجياتهم، ويعلى من مكانتهم إحياؤهم القانوني الروماني، الذي كان يفترض أن الحكم الملكي المطلق من بدائه نظام الحكم. ولم يكن ثمة قانون أسباني في بداية تلك الفترة، بل كانت هناك قوانين متفرقة لكل دولة من دول أسبانيا، ولكل طبقة من طبقات كل دولة. ثم شرع فردريك الثالث يضع نظاماً جديداً لقانون قشتالة، وأتم ألفنسو العاشر هذا النظام الذي عرف باسم قانون السبعة الأقسام (Siete Partidas) لأنه كان مقسماً سبعة أقسام (١٢٦٠ - ١٢٦٥)، وهو من أتم القوانين وأعظمها شأناً في تاريخ التشريع. وقد أسس قانون السبعة الأقسام على قوانين القوط الغربيين الأسبان ولكنه عدل لكي يتفق مع قوانين جستنيان، وكان أرقى من العصر الذي وضع فيه، ولهذا ظل مهملاً إلى حد كبير؛ ولكنه أصبح في عام ١٣٣٨ قانون قشتالة النافذ، ثم صار في عام ١٤٩٢ قانون أسبانيا كلها. ثم أدخل جيمس الأول قانوناً مثله في أرغونة، فقد نشرت أرغونة في عام ١٢٨٣ قانوناً تجارياً وبحرياً نافذاً، وأقامت في بلنسية ثم في برشلونة وميورقة بعدئذ محاكم تدعى محاكم "قنصلية البحر".

وتزعمت أسبانيا بلاد العالم في العصور الوسطى في إقامة المدن الحرة والأنظمة