أي قبل اجتماع "برلمان" إدورد الأول "النموذجي" بخمس وأربعين سنة. ولم يكن الكورتز هو الذي يضع القوانين بنفسه، ولكنه كان يصوغ "المستمسكات" ويعرضها على الملك، وكثيراً ما كان لهذا المجلس سلطان على المال يحمل الملك على أن يوافق على هذه "المستمسكات". وأصدر كورتز قطلونية في عام ١٢٨٣ قراراً صادق عليه ملك أرغونة بألا يصدر بعد ذلك الوقت أي تشريع قومي بغير رضاء المواطنين (cives) ، ثم صدر قرار آخر يطلب إلى الملك أن يدعو الكورتز إلى الاجتماع كل عام، وسبقت هذين القرارين مثلهما من القرارات التي أصدرها البرلمان الإنجليزي (١٣١١ - ١٣٢٢) بأكثر من ربع قرن من الزمان. هذا إلى أن الكورتز عين أعضاء يختارهم من كل طبقة من الطبقات الاجتماعية يؤلفون جنتا (Junta) أي اتحاداً ليشرف في أثناء الفترات التي تقع بين أدوارد انعقاد الكورتز على تنفيذ القوانين وإنفاق الأموال التي وافق عليها (٩٠).
وكان من العوامل التي عقدت مشكلة الحكم في أسبانيا قيام الجبال التي قسمتها أقساماً منفصلة، وعرقلت تنفيذ قانون عام موحد في جميع ربوعها. يضاف إلى هذا أن عدم استواء أرضها، وجفاف هضبتها، وما كان يحل بها من الدمار حيناً بعد حين بسبب الحروب، كل هذا قد عطل الزراعة، وجعل أسبانيا في معظم أجزائها مراعي للماشية والضأن. وكانت قطعان الضأن الجميلة الصوف تغذى آلاف الأنواع في البلدان؛ ولقد حافظت أسبانيا على شهرتها العالمية القديمة بجمال أصوافها. وكانت التجارة الداخلية تقف في سبيلها صعاب النقل، واختلاف الموازين والمقاييس والنقد، غير أن التجارة الخارجية تمت في موانئ برشلونة، وطرقونة، وبلنسية، وإشبيلة، وقادس؛ وكان تجار قطلونية يجوبون جميع الأقطار؛ وكان لتجار قشتالة في عام ١٢٨٢ مركز في بروج لا يضارعه إلا مركز العصبة الهانسية (٩١). وأصبح التجار والصناع أعظم من يمدون التاج بالمعونة