الإسلامية واختلاطها بعضها ببعض، من ثياب أهلها الرشيقة، وشوارعها الكثيرة النشاط والحركة، وحدائقها الهادئة، وبيوتها المريحة.
وكانت فنون الشرق تستخدم في تزيين القصور والبيوت التي يقيم بها الفاتحون من أهل الغرب. كذلك كانت أنوال بالرم تنسج الأقمشة الحريرية الفخمة والثياب المطرزة بالذهب، وكان صناع العاج يصنعون أقداحاً صغيرة مشكلة أو محفورة ذات صور خيالية غريبة أو فنية دقيقة. كما كان صناع الفسيفساء يغطون أرض البيوت، وجدرانها، وسقفها بالرسوم التي تمثل موضوعات شرقية. وكان المهندسون والصناع اليونان والمسلمون يشيدون الكنائس، والأديرة، والقصور، فلا يظهر في هندستها أو في زخرفها أثر للطراز النورماني بل تجمع بين ما تركه الطراز البيزنطي أو العربي من آثار الألف العام السابقة. وشاد الفنانون اليونان في عام ١١٤٣ ديراً للراهبات بأموال وهبها جورج أمير بحرية روجر وأهداه إلى سانتا كاريا دل أمرجليو Santa Maria dell Ammiraglio ولكنه يعرف الآن بالمرتورانا Martorana نسبة إلى مؤسسه. ولقد جدد بناء هذا الدير مراراً كثيرة حتى لم تبق إلا القليل من عناصره التي كان عليها في القرن الثاني عشر. ويحيط بقبته الداخلية نقش عربي من ترنيمة مسيحية يونانية. وأرض الدير من الرخام البراق المختلف الألوان، وبه ثمانية عمد من الحجر السماقي الملون تحيط بأقباء ثلاث؛ وتيجان الأعمدة منحوتة نحتاً جميلاً؛ أما الجدران، والأجزاء المثلثة التي بين العقود، والقباب فتتلألأ فيها الفسيفساء الذهبية المشتملة على صورة شهيرة لملك السكون في قبة المحراب. وأجمل من هذا الدير نفسه كنيسة القصر الخاصة Capella Palatina التي بدأها روجر الثاني في عام ١١٣٢، فكل ما في هذه الكنيسة غاية في الرونق والجمال: من رسوم الأرضية الرخامية البسيطة، إلى العمد الرفيعة الدقيقة البالغة حد الكمال، وتيجانها المختلفة الأشكال، وقطع الفسيفساء البالغ عددها ٢٨٢ قطعة والتي تملأ كل فراغ، وصورة المسيح الرهيبة