للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصوى ذات المحاسن الشرائف ودار الملك في الزمان المؤتنف والسالف" (١) وقال عنها "ولها حسن المباني التي سارت الركبان بنشر محاسن في بناءاتها، ودقائق صناعاتها، وبدائع مخترعاتها" وقال عن شارعها الأوسط: "فالسماط الأوسط يشتمل على قصور منفية، ومنازل شامخة شريفة، (وكثير من المساجد) والفنادق، والحمامات، وحوانيت التجار الكبار … وشيدت بنيانها ونمقت بأعجب المغتربات، وأودعت بدائع الصفات، فشهد لها بالفضل المسافرون، وعلى في وصفها المتجولون، وقطعوا قطعاً ألا مباني أشرف من مغانيها، وأن قصورها مشارف القصور، وأن دورها مفازة الدور". "ومبانيها ومتنزهاتها حسنة تعجز الواصفين، وتبهر عقول العارفين، وهي بالجملة فتنة للناظرين" (٢).

ولما شاهد ابن جبير الرحالة المسلم مدينة بالرمة في عام ١١٨٤ صاح قائلاً: إنها أم الحضارة والجامعة بين الحسنين غضارة ونضارة … تروق الأبصار بحسن منظرها البارع، عجيبة الشأن … قد زخرفت فيها لملكها دنياه. تنتظم بلبتها قصوره انتظام العقود في نحور الكواعب" (٣).

وكان من يزورون بالرم يدهشون من كثرة اللغات المختلفة التي يتكلمها أهلها، ومن اختلاط الأجناس والأديان اختلاطاً لا يعكر صفوه ما بينهم من اختلاف، ومن تجاور الكنائس المسيحية، والمعابد الإسرائيلية، والمساجد


(١) هذا الوصف هو المقابل لقول المؤلف إن الإدريسي يصف بالرم بأنها أجمل مدينة في العالم. المترجم
(٢) أضاف مؤلفنا هذا الجزء الأخير من وصف الإدريسي لبالرم في آخر ما نقله عنه، ولكن موضعه الصحيح من وصف الإدريسي قبل الجزء السابق. المترجم
(٣) نقلنا هذا النص من كتاب رحلة ابن جبير المعروفة باسم "رسالة اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك" تأليف أبي الحسن محمد بن أحمد بين جبير الكناني البلنسي وهو يسميها بالرمة، وتشتهر باسم المدينة، ولكن الإدريسي يكتبها بالرم من غير تاء. المترجم