للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انفصالاً دائماً عن الإمبراطورية؛ وأن يقيم في ألمانيا بوصفه إمبراطوراً عليها، ويترك الصقليتين لابنه الطفل هنري ليكون ملكاً على صقلية، وأن ينوب عنه في حكمها نائب يعينه إنوسنت؛ وتعهد فردريك فضلاً عن هذا كله أن يحافظ على جميع حقوق رجال الدين وسلطانهم في دولته، وأن يعاقب المارقين، وأن يحمل الصليب ويخرج إلى الحرب الصليبية. ودخل فردريك ألمانيا بعد أن أمده البابا بالمال اللازم لرحلته ورحلة حاشيته. وكانت لاتزال تحت سلطان جيوش أتو. لكن هذه الجيوش منيت بالهزيمة في بوفين على يدي فيليب أغسطس؛ فانهارت مقاومة أتو، وتوج فردريك إمبراطوراً باحتفال فخم مهيب في آخن (١٢١٥). وفيها جدد الوعد الذي قطعه على نفسه من قبل بأن يشن حرباً صليبية. وتأثر كثير من الأمراء بحماسة النصر الذي ناله الشاب فأقسموا يميناً مثل يمينه. وخيل إلى ألمانيا حيناً من الدهر أنه داود ثان بعثه الله لينقذ أورشليم بلد داود من ورثة صلاح الدين.

لكن الأمور لم تسر بالسرعة المطلوبة، فقد حشد هنري أخو أتو جيشاً ليخلع به فردريك، ووافق هونوريوس الثالث Honorius III البابا الجديد على أن يدافع الإمبراطور الشاب عن عرشه. وانتصر فردريك على هنري، ولكنه تورط وقتئذ في الشؤون السياسية للإمبراطورية، ويلوح أنه كان يحن إلى موطنه الأول في إيطاليا، فقد كان دم الجنوب وحرارة الجنوب ممتزجين بطبعه، وكانت ألمانيا تضايقه. وقد أعطى البارونات سلطات إقطاعية واسعة، ومنح عدداً من المدن عهوداً بالحكم الذاتي، وعهد بحكم ألمانيا إلى إنجلبرت كبير أساقفة كولوني، وهرمان السالزي Herman of Salza الرجل الحازم القدير كبير الفرسان التيوتون. وتمتعت ألمانيا بالسلم والرخاء في السنين الخمس والثلاثين التي تولى فيها العرش على الرغم من إهماله الظاهري لشؤونها. وبلغ من رضاء البارونات