وتريفيزو، كما وضع على رأس حكومة المدن الأخرى التي استسلمت له إنزيو أحب أبنائه إليه وهو "صورة منا في وجهه وقوامه"، فقد كان وسيماً، فخوراً، مرحاً، شجاعاً في الحرب، بارعاً في قول الشعر. واستولى الإمبراطور على رافنا وفائنزا في عام ١٢٤٠، وخرب في عام ١٢٤١ بنفنتو مركز القوات البابوية. واعترض أسطوله قافلة بحرية من جنوى تنقل إلى روما طائفة من الكرادلة، والمطارنة، ورؤساء الأديرة، والقساوسة الفرنسيين والأسبان والإيطاليين، وحجزهم فردريك في إبوليا ليتخذهم رهائن يساوم بهم؛ وما لبث أن أطلق الفرنسيين منهم، ولكنه أطال احتجاز الباقين، ومات عدد منهم في السجن، فارتاعت أوروبا التي طالما رأت أن رجال الدين محصنون يجب ألا يعتدي عليهم، وكثر وقتئذ عدد الذين يعتقدون أن فردريك هو المسيح الدجال الذي تنبأ بظهوره يواقيم الفلوري Joochim of Flora الصوفي منذ بضع سنين. وعرض فردريك أن يطلق رجال الدين إذا رضي جريجوري أن يعقد معه الصلح ولكن البابا لم يتزحزح عن موقفه إلى يوم مماته (١٢٤١).
وكان إنوسنت الرابع أكثر مسالمة من سلفه، فقد وافق بتحريض القديس لويس على شروط الصلح (١٢٤٤)، ولكن مدن لمبارديا امتنعت عن التصديق على الاتفاق، وذكرت إنوسنت بأن جريجوري قد تعهد بألا تعقد البابوية صلحاً منفرداً مع فردريك. وغادر إنوسنت روما سراً، وهرب إلى ليون Lyons، وواصل فردريك الحرب، وبدا أن ليس ثمة قوة تستطيع منعه من فتح الولايات البابوية وضمها إلى دولته وإقامة سلطانه في روما. ودعا إنوسنت رجال الدين إلى مجلس عقد في ليون، وكرر هذا المجلس حرمان الإمبراطور وخلعه لأنه رجل فاسد الأخلاق، عاق، وتابع عديم الولاء لسيده البابا الذي يقر بسيادته عليه (١٢٤٥). واختار النبلاء الألمان، بتحريض البابا، هنري رابس Henry Rapse إمبراطوراً بدل فردريك، فلما مات نادوا بوليم الهولندي William of Holland