خلفاً له. وأصدر البابا قراراً بحرمان كل من يساعد فردريك، وحرمت الخدمات الدينية في كل الأقاليم الموالية له؛ وأعلنت عليه هو وإنزيو حرباً صليبية، ومنح الذين حملوا الصليب للقتال في فلسطين إذا اشتركوا في قتال الإمبراطور الكافر جميع المزايا التي تمنح الصليبيين.
وأطلق فردريك العنان لحقده وشهوة انتقامه، وأقدم على أعمال قطعت عليه خط الرجعة. فأصدر "منشوراً للإصلاح" يعلن فيه أن رجال الدين "عبيد للدنيا منهمكون في ملذاتهم، لم تبق ثروتهم المتزايدة على شيء من تقواهم"(٤٦). ثم صادر ما للكنيسة من أملاك في الصقليتين ليستخدم ثمنها في حربه، ولما أن تزعمت بلدة في أبوليا مؤامرة للقبض عليه، أمر برؤساء المتآمرين فاقتلعت عيونهم وبترت أعضاءهم ثم قتلوا. ولما أن استنجد به ابنه كنراد، اتخذ سبيله إلى ألمانيا، ولكنه علم وهو في تورين أن بارما قد انتقصت على حاميته التي بها، وأن الخطر محدق بإنزيو، وأن الثروة قد اندلع لهيبها في إيطاليا الشمالية كلها وصقلية نفسها، فأخذ يقلم أظفار فتنة بعد فتنة في مدينة تلو مدينة، ويأخذ الرهائن من كل واحدة منها، ويقتل أولئك الرهائن حين تثور عليه مدنهم. وإذا وجد في الأسرى رسلاً للبابا أمر بقطع أيديهم وأرجلهم (٤٧).
وبينما كان الحصار مضروباً على بارما سئم فردريك طول البطالة فخرج هو وإنزيو وخمسين من الفرسان لصيد طيور الماء في المستنقعات المجاورة للمدينة. وبينما هم في صيدهم خرج رجال بارما ونساؤها على المحاصرين وهجموا عليهم هجوم اليائيسين، فتغلبوا على قوات الإمبراطور المختلة النظام المعدومة القيادة، واستولوا على أموال الإمبراطور وحريمه ووحوشه، فما كان منه إلا أن فرض ضرائب فادحة، وجهز جيشاً جديداً، وواصل القتال. وجاءته الأنباء بأن بيرو دلي فجني وزيره الأول وموضع ثقته قد غدر به وأخذ يدبر المؤامرات ضده؛ فأمر بالقبض عليه وفقء عينيه، فما كان من بيرو بعد أن فعل به هذا إلا أن أخذ يضرب