له إلا في المظاهر والحفلات، وانتقلت زعامة أوروبا إلى فرنسا.
واتخذ شارل نابلي عاصمة له، وأوجد في الصقليتين أرستقراطية وبيرقراطية فرنسيتين، وأقام فيها جيشاً فرنسياً، ورهباناً وقساوسة فرنسيين، وحكم البلاد وجني الضرائب بوسائل استبدادية جعلت أهلها يتمنون لو يعث فردريك حياً، كما جعلت البابا كلمنت الرابع يتمنى لو أن البابوية لم تنتصر. وبينما كان شارل يستعد لقيادة أسطوله لفتح القسطنطينية إذ ثار العامة في بالرم يوم الاثنين التالي لعيد القيامة من عام ١٢٨٢ بعد أن انطلق حقدهم الكامن في صدورهم لأن جندياً فرنسياً أساء الأدب مع عروس صقلية، وقتل الغوغاء كل فرنسي في المدينة. وليس أدل على الحقد الدفين الذي كان يغلي في صدور الصقليتين من الوحشية التي كانت تدفع رجالهم لأن يشقوا بسيوفهم أرحام النساء اللاتي حملن من الجنود أو الموظفين الفرنسيين ثم يطأون الأجنة الأجنبية حتى تموت تحت أقدامهم (٥١). وحذت مدن أخرى حذو بالرم حتى قتل ثلاثة آلاف من الفرنسيين في مذبحة تعرف باسم "مذبحة صلاة المساء" لأنها بدأت في ساعة تلك الصلاة. ولم ينج من القتل رجال الدين في الجزيرة؛ فقد هاجم الصقليون المعروفون بالتقي والصلاح الكنائسي والأديرة وذبحوا الرهبان والقساوسة دون أن يعبأوا بكرامة رجال الدين. وأقسم شارل دوق أنجو أن ينتقم من الجزيرة انتقاماً لا تنمحي آثاره مدى ألف عام، وتوعدها بأن يتركها "صخرة صماء جرداء خالية من السكان"(٥٢). وحرم البابا مارتن Martin الرابع العصاة من حظيرة الدين وأعلن حرباً صليبية على صقلية. ولما عجز الصقليون عن حماية أنفسهم عرضوا الجزيرة على بدرو الثالث صاحب أرغونة. وجاء بدرو إلى الجزيرة بجيش وأسطول وثبت أسرة أرغونة ملوكاً على صقلية (١٢٨٢). وبذل شارل كل ما في وسعه ليسترد الجزيرة ولكن جهوده ذهبت أدراج الرياح، فقد دمر أسطوله، ومات وهو منهوك القوى مغموماً حزيناً