في فجيا (١٢٨٥). واكتفى خلفاؤه بعد سبعة عشر عاماً من الكفاح غير المجدي بمملكة نابلي.
أما المدن الإيطالية القائمة في شمال روما فقد أخذت تثير الخصام بين الإمبراطورية والبابوية، واستطاعت بذلك أن تحتفظ بنوع من الحرية الطائشة الجموحة. وظلت أسرة دلا توري Della Torre تحكم ميلان عشرين عاماً حكماً ارتضاه سائر أهلها، ثم استولت على زمام الأمور عصبة من النبلاء بزعامة أتوفسكنتي Otto Visconti عام ١٢٧٧، وأنشأ آل فسكنتي الملقبين بالكبتاني (الرؤساء) أو الدوتشي duci حكومة ألجركية حازمة قديرة حكمت المدينة مائة وسبعين عاماً. وكانت الكونتة ماتلدا قد أوصت للبابوية بإقليم تسكانيا بما فيه مدائن أرزو Arezzo، وفلورنس، وسينا Siena، وبيزا، ولوكا (١١٠٧)؛ ولكن هذه السيادة البابوية الصورية قلما كانت تنقص من حق مدائن الإقليم في أن تحكم نفسها أو تولي عليها من تختارهم من الطغاة.
وكان لسينا كما كان لكثير غيرها من المدن التسكانية ماض تعتز به، يرجع إلى أيام التسكانيين الأقدمين. وكانت غارات البرابرة قد خربت تلك المقاطعة، ولكنها انتعشت في القرن الثامن لأنها أضحت محطة وسطي في طريق الحج والتجارة بين فلورنس وروما. ونحن نسمع عن وجود نقابات طائفية للتجار بتلك المدينة في عام ١١٩٢ ثم بمثلها للصناع ثم لأصحاب المصارف، حتى أصبح بيت بونسنيوري Buonsignori الذي أنشئ فيها عام ١٢٠٩ من أشهر المؤسسات التجارية والمالية في أوروبا كلها، وكان له وكلاء في جميع أنحائها، وبلغت القروض التي أمد بها التجار، والمدن، والملوك، والبابوات مبلغاً لا يكاد يصدقه العقل. وكانت فلورنس وسينا تتنازعان السيطرة على طريق فرنسيسا Via Francesa الذي يصل كلتيهما بالأخرى، وظلت المدينتان التجاريتان تحارب كلتاهما الأخرى حروباً منقطعة منهكة من عام ١٢٠٧ إلى عام ١٢٧٠؛ وانضمت سينا إلى الأباطرة في الكفاح