أبناء الأرقاء- وهو لا يرى أن في هذا بعداً ما عن المعقول (١٥). وقد خففت الكنيسة من هول هذه العقيدة بأن علمت الناس أن الأطفال غير المعمدين لا يلقون في الجحيم بل يلقون في يمبوس Infernus puerorum حيث لا يكون عذابهم إلا ما يشعرون به من ألم لأنهم حرموا من الجنة (١٦). وكانت الكثرة الغالبة من المسيحيين تعتقد أن المسلمين جميعاً- كما كانت الكثرة الغالبة من المسلمين ما عدا النبي محمداً تعتقد أن المسيحيين جميعاً- سيلقون في النار، وكان الاعتقاد السائد أن "غير المؤمنين" سيعذبون (١٧). وذهب مجلس لاتران الرابع إلى أبعد من هذا فأعلن (١٢١٥) أن لا نجاة لأحد من النار إذا لم يكن من أتباع الكنيسة الجامعة (١٨). وقرر البابا جريجوري التاسع أن ما كان يأمله ريمند للي Raymond Lully من أن "الله يحب شعبه حباً يؤدي إلى نجاة الناس جميعاً تقريباً، لأنه لو كان المعذبون أكثر من الناجين لكانت رحمة المسيح خالية من كثير الحب"(١٩)، وليس ثمة رجل آخر من رجال الدين البارزين أجاز لنفسه أن يعتقد- أو أن يقول- إن الناجين سيزيدون على المعذبين (٢٠). وقدر برثلد الرجنز برجي Bertshold of Regensburg، وهو من أشهر وعاظ القرن الثالث عشر وأحبهم إلى الناس، نسبة المعذبين إلى الناجين بمائة ألف إلى واحد (٢١). ويرى القديس تومس أكويناس أن "في هذا أيضاً رحمة الله أكثر مما تظهر في شيء سواه، لأنه يرفع القليلين إلى معارج النجاة، التي يعجز عن إدراكها الكثيرون"(٢٢). وكان كثيرون من الناس يعتقدون أن البراكين هي أفواه جهنم، وأن قعقعتها ليست إلا صدى خافتاً لأنين المعذبين (٢٣)، وكان جريجوري الأكبر يقول إن فوهة بركان إتنا تزيد أتساعاً في كل يوم لتبتلع العدد الذي لا يحصى من الأرواح التي كتب عليها العذاب (٢٤). وكانت أحشاء الأرض المزدحمة تضم ثناياها الحارة الكثرة الغالبة من جميع من ولدوا من بني الإنسان، ولا يستطيع أحد أن يستريح أو يفر من النار إلى أبد الدهر، وفي