للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنساناً ما لم يلاحظ غيابها (٩٧). ولك يكن في مقدور الكنيسة أن ترتضي هذه القصص كلها، ولكنها كانت تقيم احتفالات عظيمة في ذكرى الحوادث البارزة في حياة مريم- كالبشارة، والزيارة (١)، والتطهير (عيد تطهير العذراء ودخول المسيح إلى الهيكل)، والصعود، ثم خضعت الكنيسة آخر الأمر إلى إلحاح أجيال من غير رجال الدين ومن الرهبان الفرنسسكان فأجازت للمؤمنين أن يعتقدوا، ثم أمرتهم في عام ١٨٥٤ أن يعتقدوا، بالحمل بلا دنس- أي أن مريم قد حملت مبرأة من أثر الخطيئة الأولى التي تلطخ، حسب قول الكنيسة، كل طفل يولد من رجل وامرأة من عهد آدم وحواء.

واستحالت الكثلكة بفضل عبادة مريم من دين رهبة- لعلها كانت ضرورية في العصور الوسطى- إلى دين رحمة وحب، وإن نصف ما في العبادات الكاثوليكية من جمال، وكثيرا مما في الفن الكاثوليكي والغناء الكاثوليكي من روعة وجلال، لمن خلق هذا الإيمان السامي الذي يتجلى في وفاء امرأة ورقتها، بل وفي جمال جسمها ورشاقتها. لقد دخلت بنات حواء الهيكل وبدلت روحه، وكانت هذه الكثلكة الجديدة من الأسباب التي طهرت الإقطاع فاستحال فروسية، ورفعت من شأن المرأة إلى حد ما في عالم من صنع الرجال، وبفضله وهب النحت والتصوير في العصور الوسطى فن تلك العصور عمقاً ورقة قلما كان اليونان يعرفونهما في عهدهم. وفي وسع الإنسان أن يعفو عن كثير مما في دينٍ وفي عصرٍ أوجدا مريم وكنائسها الكبرى.


(١) زيارة مريم العذراء لإليصابات قبل أن تلد هذه أبنها يوحنا المعمدان، وتحتفل الكنيسة بهذه الذكرى في ٢ يولية من كل عام. (المترجم).