للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتباحث المجتمعون في عقائد هذه الشيعة؛ ونظمها؛ وشئونها الإدارية، ووضعت قواعد تسير بمقتضاها، وانفض المجتمعون دون أن يتعرض لهم أحد (٢٣). وفوق هذا فإن الأشراف رأوا أن من الخير لهم أن يضعفوا سلطات الكنيسة في لانجويدك، ذلك أن هذه الكنيسة كانت واسعة الثراء تمتلك الكثير من الأرض، على حين الأشراف كانوا إذا قيسوا إليها فقراء، ولهذا شرعوا ينتزعون بعض أراضيها. وحدث في عام ١١٧١ أن هاجم فيكونت بيزيير Beziers ديراً من الأديرة، وزج أسقف ألبى Albi في السجن، وعين أحد الخارجين على الدين لحراسته. ولما أن اختار رهبان آلية Allet رئيساً عليهم ممن لا يرضى عنهم الفيكونت أحرق الدير وزج بالرئيس في السجن. فلما مات السجين نصب الفيكونت المرح جثته في المنبر، وأرغم الرهبان على أن يختاروا في مكانه رئيساً يرتضيه. كذلك طرد ريمند روجر Raymond Roger كونت فوا foix رئيس دير باميير Pamiers ورهبانه من ديرهم، وأطعم خيله الشوفان من فوق من فوق المذبح، وأستخدم جنوده أذرع الصلبان التي عليها صورة المسيح مصلوباً وأرجلها مدقات لطحن الحبوب، واتخذوا صورة المسيح هدفاً للتدريب على الرماية. وهدم ريمند كونت طولوز عدداً من الكنائس، واضطهد رهبان مواساك Moissac، وطرد من حظيرة الدين (١١٩٦)، ولكن الحرمان الديني كان وقتئذ أمراً لا قيمة له في نظر الأشراف المقيمين في فرنسا الجنوبية، واعتنق الكثيرون منهم آراء الكاثارى الإلحادية، أو بسطوا على معتنقيها حمايتهم (٢٤).

ولما جلس إنوسنت الثالث على كرسي البابوية في عام ١١٩٨ رأى في هذه التطورات خطراً محدقاً بالكنيسة والدولة جميعاً. لقد كان يرى بعض العذر فيما يوجه إلى الكنيسة من نقد، ولكنه كان يحس بأنه لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين، يرى هذا الصرح الديني العظيم الذي وضع له أكبر الخطط، وعقد عليه أنبل الآمال، والذي بدا له أقوى عاصم من العنف البشرى، والفوضى