العريض، وما من شك - كما يقول الكاثارى - في أن رؤساء الأساقفة، والأساقفة، ذوي الأملاك الواسعة، والقساوسة الدنيويين، والرهبان قسمان؛ هم الفريسيون Pharisees (الزنادقة) الأقدمون عادوا إلى الحياة من جديد! ولم يكونوا يشكون في أن الكنيسة الرومانية هي "زانية بابل"، وأن رجال الدين هم زمرة الشيطان، وأن البابا هو المسيح الدجال (١٨). وكانوا ينددون بالداعين إلى الحروب الصليبية ويصفونهم بأنهم قتله (١٩)، وكان الكثيرين منهم يستهزئون بصكوك الغفران والمخلفات المقدسة. ويقال إن جماعة منهم صوروا العذراء في صورة قبيحة، عوراء، مشوهة الجسم، وادعوا أنهم يفعلون بهذه الصورة المعجزات، وإن كثيرين من الناس آمنوا بقوة هذه الصور ة الزائفة، ثم كشفوا هم أنفسهم آخر الأمر عن سخريتهم (٢٠). ونشرت كثير من آراء الكاثارى عن طريق الأغاني التي يذيعها شعراء الفروسية الغزلون، ولم يكن هؤلاء ممن تعجبهم تعاليم المسيح الأخلاقية وإن لم يعتنقوا آراء الشيعة الجديدة. غير أن جميع زعماء هذه الطائفة من الشعراء كانوا يعدون من أنصار الألبجنسيين، فقد كانوا يسخرون من الحج، والاعتراف، والماء المقدس، والصليب، وكانوا يسمون الكنائس "معششات اللصوص"، كما القساوسة الكاثوليك في رأيهم "خونة، كاذبين، منافقين"(٢١).
وظل رجال الدين والسلطة الزمنية في فرنسا الجنوبية حيناً من الدهر يبدون الكثير من التسامح مع طائفة الكاثارى، ويلوح أنهم أجازوا الجمهرة الشعب أن تختار بملء حريتها بين الدينين القديم والجديد (٢٢). وعقدت مجالس عامة تتنافس فيها فقهاء الكاثارى والكاثوليك، منها واحد عقد في كاركسون Carcassonne حضرة مندوب من قبل البابا وآخر من قبل بجر والثاني ملك أرغونة (١٢٠٤). وكذلك عقدت عدة فروع مختلفة من الكاثارى مجلساً من رجال دينها في عام ١١٧٦، وحضرة ممثلون لهذه الفروع من بلاد مختلفة.