أكثر من أن يوقعوا عليهم (العقاب الذي يستحقونه) وتنبههم إلى أن يتجنبوا (كل ما من شأنه سفك الدماء أو التعريض لخطر الموت). ثم اتفقت الكنيسة والدولة بعد جريجوري التاسع على ألا يؤخذ هذا التحذير بمعناه الحرفي، بل أن يقتل المذنبون دون أن تسفك دماؤهم أي أن يحرقوا عند عمود الإحراق (٧٩).
وكان عدد من حكمت عليهم محكمة التحقيق الرسمية بالموت أقل مما كان يعتقده المؤرخون في وقت من الأوقات (٨٠). ومن الشواهد الدالة على ذلك أن برنار ده كو Bernard de Gaux وهو من المحققين المتحمسين، قد خلف سجلا طويلا بالقضايا التي نظر فيها؛ وليس في هذا السجل قضية واحدة حكم فيها بإرسال المذنب إلى السلطات المدنية (٨١). وحكم محقق يدعى برنارد جوى Bernard Gui في مدى سبعة عشر عاماً على تسعمائة وثلاثين ضالاً، فلم يتجاوز من حكم عليهم بالموت من بين هذا العدد خمسة وأربعين (٨٢). وكانت الأحكام الصادرة في حفل عام بطولوز (طلوشة) عام ١٣١٠ وهي أن أمر عشرون شخصاً بأن يخرجوا للحج، وحكم على ستة وخمسين بالسجن، وعلى ثمانية عشر بالإعدام. وفي عمل الإيمان الذي حدث في عام ١٣١٢ أرسل واحد وخمسون إلى الحج، وحكم على ثمانية وستين بالسجن مدداً مختلفة، وأرسل خمسة إلى السلطات الزمنية (٨٣). وقصارة القول أن شر مآسي محاكم التحقيق قد أخفتها السجون ولم تر الضوء عند أعمدة الإحراق.