للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقلم ولتر ماب walter Map، (١٢) . ومن الأديرة ما اشتهر بطعامه الشهي وخمرة. على أننا يجب ألا ننكر على الرهبان قليلا من الهناء، وفي وسعنا أن ندرك مقدار مللهم من الخضر، واشتياقهم إلى اللحوم، ولا يسعنا إلا أن نعطف على ثرثرتهم، وشجارهم، ونومهم وقت الصلاة من حين إلى حين (١٣).

ولقد استخف الرهبان، وهم يقسمون بأن يبقوا عزاباً، بقوة الغريزة الجنسية التي يستثمرها مراراً وتكراراً ما يشاهدون من مناظر وأمثله من غير رجال الدين. ويروى قيصريوس الهيسترباخي قصة تتكرر كثيراً في العصور الوسطى، عن رئيس دير وراهب شاب خرجا راكبين معاً. ووقعت عينا الشاب على النساء للمرة الأولى فسأل رئيس الدير: "من هؤلاء؟ " فأجابه "هؤلاء شياطين" فرد عليه الراهب بقوله: "لقد كنت أظنهم أجمل من رأيت في حياتي كلها" (١٤). ويقول الزاهد بطرس داميان في آخر أيام حياته الورعة المريرة:

في وسعي وأنا الآن رجل طاعن في السن أن أنظر وأنا آمن إلى وجه ذابل مجعد لإمرأة عجوز شمطاء عمشاء العينيين. أما من هن أجمل منها وجهاً وأكثر زينة فإني أغمض طرفي عنهن وأحذرهن كما يحذر الصبيان النار. ويلاه أيها القلب المفجوع! - الذي لا يستطيع الاحتفاظ بأسرار الكتاب المقدس التي قرأتها من أولها إلى آخرها مائة مرة، ثم لا تنمحي منه صورة لم أرها إلا مرة واحدة (١٥).

وكانت الفضيلة تبدو لبعض الرهبان كأنها صراع نفساني بين المرأة والمسيح ولم يكن تشهير بالنساء إلا جهود يبذلونها لإماتة شعورهن بمفاتنهن، كما كانت أحلامهم الصالحة النقية في بعض الأحيان يرطبها رضاب الشهوة، وكثيراً ما كانوا يعبرون عن رؤاهم القدسية الروحية بعبارات مستعارة من العشق الآدمي (١). وكانت قصائد أوفد من الأشعار المحبوبة في بعض الأديرة،


(١) وأنا لتجد هذا بعينه في أشعار الصوفية المسلمين. (المترجم)