حجة في مغادرة ديره. وامتاز السسترسيون عن جميع الطوائف الأخرى، رهبانية كانت أو غير رهبانية، بنشاطهم وحذاقهم في الأعمال الزراعية، وأنشأوا مراكز جديدة لطائفتهم في الأصقاع غير المسكونة، وجففوا المستنقعات، وقطعوا أشجار الغياض والغابات ليفسحوا مكاناً للزراعة، وكان لهم فضل كبير في استعمار ألمانيا الشرقية وإصلاح الأضرار التي ألحقها وليم الفاتح بإنجلترا. وكان يساعد الرهبان السترسين في هذه الجهود التي يبذلونها في سبيل الحضارة إخوان علمانيون مهتدون نذروا أن يبقوا عزاباً، صامتين، أميين (٢٠)، يعملون زراعاً أو خدماً نظير الطعام والملبس والمسكن (٢١).
وبعثت هذه الصرامة الخوف في قلوب من يريدون الانضمام إلى هذه الطائفة، ولهذا كان نمو هذه الجماعة القليلة بطيئاً، ولولا ما بعثه القديس برنار في الطائفة الجديدة من حماسة قوية لقضي عليها في مهدها.
ولد القديس برنار بالقرب من ديجون (١٠٩١) من أسرة عريقة تنتمي إلى طبقة الفرسان، وكان في صباه شاباً حيياً تقياً، يؤثر العزلة. ولم يجد راحة في العالم الدنيوي، فأعتزم أن يدخل الدير، وكأنما أراد الرفقة في الوحدة، فأخذ ينشر دعاوة قوية موفقة بين أهله وأصدقائه ليدخلوا معه دير سيتو. ويحدثنا المؤرخون أن الأمهات والفتيات الصالحات للزواج كانت ترتعد فرائضهن حين يقترب منهن، خشية أن يغري أبناءهن أو عشاقهن بالتزام العفة، ولكنه نجح على الرغم من دموعهن. ولما أن قبل في دير سيتو (١١١٣) جاء معه بتسعة وعشرين ممن يريدون دخول الدير، ومنهم إخوة له، وأحد اعمامه، وطائفة من اصدقائه، وأفلح فيما بعد بإقناع أمه وأخته بأن تترهبا، وأقنع أباه أيضاً بأن يترهب بعد أن توعده بأنه "إن لم يكفر عن ذنوبه فسيحترق إلى أبد الدهر … وينبعث منه الدخان والرائحة الكريهة"(٢٢).
وأجبت استيفن هاردنج من فوره يتقوى برنار ونشاطه إعجاباً حمله على أن