الراهب بالأمر ولكن زملاءه هالهم العقاب أكثر مما هالتهم الجريمة (٦٠). وتخلى فرانسس في عام ١٢٢٠ عن زعامة الطائفة، وأمر أتباعه لأن يختاروا لها غيره مرشداً عاماً؛ وارتضى فيما بعد أن يكون راهباً بسيطاً. لكنه أزعجه بعد عام من ذلك الوقت ما رآه من استمرار التراخي في إطاعة المبادئ الأولى (١٢١٠) فوضع للطائفة قواعد جديدة - هي "الهد" الذائع الصيت - أراد بها أن يتقيد أتباعه تقيداً تاماً بمراعاة يمين الفقر التي أقسموا أن يراعوها؛ ونهى الرهبان عن الانتقال من أكواخهم عند البورتي أنكولا إلى الأحياء الطيبة الهواء التي أنشأها لهم أهل المدينة، وعرض هذه القواعد على هونوريوس الثالث فأحالها إلى لجنة من المطاردة لمراجعتها، فلما خرجت من أيديهم كانت قد أخذت بنحو اثنتي عشرة قاعدة من قواعد فرانسس ويمثلها من التعديلات المحففة، وهكذا تحققت نبوءة إنوسنت الثالث.
وعمد فرانسس في ذلك الوقت على كره منه، وإطاعة لما أخذه به نفسه من خشوع، عمد إلى حياة قضى معظمها في التفكير، والعزلة،، والزهد، والصلاة. وجاءته شدة خشوعه وقوة خياله من حين إلى حين برؤى المسيح، أو مريم، أو الرسل. وفي عام ١٢٢٤ غادر أسيسي مع ثلاثة من مريديه وخرج يقطع الجبال والسهول حتى وصل صومعة على جبل فرنا M. Verna بالقرب من شوزي chiusi، وأقام منفرداً في كوخ منعزل وراء أخدود عميق لا يسمع لأحد ليو أن يزوره، وأمره ألا يأتي مرتين كل يوم، وألا يجئ إذا لم يتلق رداً على ندائه بأنه قريب منه. وفي اليوم الرابع عشر من سبتمبر عام ١٢٢٤ يوم عيد تمجيد الصليب المقدس، وبعد صوم طويل وليلة قضاها ساهراً مصلياً - في هذا اليوم خيل إلى فرانسس أنه رأى ملكاُ ينزل من السماء معه صورة للمسيح المصلوب، ولما توارى الشبح أحس بآلام غريبة وتبين زوائد لحمية في كفيه وظهرت يديه، وفي أسفل قدميه وأعلاهما، وفي جسمه كله شبيهة في أماكنها