العمل، فاعتزم أن يذهب إلى بلاد الشام ويدعو المسلمين والسلطان نفسه إلى اعتناق الدين المسيحي. ولهذا أبحر في عام ١٢١٢ من إحدى الثغور الإيطالية ولكن عاصفة بحرية قذفت بسفينته إلى شاطئ دلماشيا واضطرته أن يرجع إلى إيطاليا، غير أن إحدى الأقاصيص تقول إن "القديس فرانسس أدخل في دينة سلطان بابل"(٥٨). وتقول قصة أخرى أكبر الظن أنها غير صادقة كسابقتها إنه سافر في ذلك العام نفسه إلى أسبانيا ليدخل المسلمين في دين المسيح، ولكنه حين وصل إليها أصيب بمرض شديد اضطر مريديه أن يعودوا به إلى أسيسي. وتروى قصة أخرى مشكوك في صحتها أنه جاء إلى مصر، وأنه مر بسلام في صفوف المسلمين الذي كان يقاوم الصليبيين عند دمياط، وعرض أن يخوض النار إذا وعده السلطان أن يعتنق هو وجنوده الدين المسيحي إن خرج من النار سالما، ورفض السلطان هذا العرض ولكنه أمر بأن يعد للقديس حرس بصحبه إلى معسكر المسيحيين. وروع فرانسس حين رأى ما أظهره جنود المسيح من وحشية وهم يذبحون السكان المسلمين حين تولى الصليبيون على دمياط (٥٩)، فعاد إلى إيطاليا مريضاً محزونا، وأصيب وهو في مصر، فضلاً عن مرض الملاريا، برمد أوشك في مستقبل حياته أن يفقد بصره.
وأزداد أتباع للقديس في أثناء غيابه زيادة أسرع مما يستطيع معها السيطرة عليهم. ذلك أن شهرته جعلت الأتباع ينضمون إليه دون أن يفكروا في الأمر التفكير الواجب، فأخذ بعضهم يندمون على تسرعهم، وشكا البعض الآخر من صرامة مبادئ الطائفة، فنزل فرانسس عن بعض القواعد وهو كاره وما من شك كذلك في أن انتشار الطائفة التي انقسمت إلى عدة بيوت منتشرة في أنحاء أمبريا قد تطلب مهارة إدارية وكياسة لا قبل له بهما لشدة انهماكه في مبادئه الصوفية. من ذلك ما يروى أن راهبا اغتاب زميلا له فأمره فرانسس أن يأكل قطعة من روث حمار حتى لا يحلو الخبث في لسانه من بعد. وصدع