للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه أن يأذن لها بإنشاء طائفة ثانية من طوائف القديس فرانسس خاصة بالنساء (١٢١٢). وابتهج القديس لهذا الطلب ابتهاج - فقد غادرت الفتاة بيتها ونذرت نفسها للفقر، والطهر، وأصبحت رئيسة دير فرنسيسى أقيم حول مصلى القديس دميان. ثم أنشئت طائفة ثالثة من طوائف القديس فرانسس- وهي الطائفة الثلاثية- من بين العلمانيين الذين لم يكونوا يرتبطون بقواعد القديس فرانسس كاملة، ولكنهم أرادوا أن يتبعوا هذه القواعد قدر المستطاع، وأن يعيشوا في "الدنيا"، ويساعدوا الطائفة الأولى والثانية بعملهم وصدقاتهم. وحملت الطوائف الفرنسيسية المطردة الزيادة إنجيلها إلى بلدان أمبريا (١٢١١)، ثم حملته فيما بعد إلى غيرها من مقاطعات إيطاليا. ولم يكن هؤلاء الرهبان ينطقون بشئ عن الضلالة بل كانوا يعظون الناس عظات بسيطة في شئون الدين، ولم يكونوا يطلبون إلى المستمعين أن يأخذوا أنفسهم بالعفة، والفقر، والطاعة التي وهبوا هم أنفسهم لها، بل كانوا ينادونهم " خافوا الله وعظموه؛ وأثنوا عليه وسبحوه … وتوبوا إليه واستغفروه … فإنكم تعلمون أنا عما قليل ميتون … تجنبوا الشر، وثابروا على الخير".

لقد طالما سمعت إيطاليا هذه الألفاظ من قبل، ولكنها قلما سمعتها من رجال أوتوا من الإخلاص البين مثل ما أوتي هؤلاء الرجال. وأقبل الناس زرافات ليستمعوا إلى مواعظهم، وعرفت قرية في أمبريا أن القديس فرانسس مقبل عليها، فخرجت على بكرة أبيها لتحييه بالأزهار، والأعلام، والأناشيد (٥٦). ولما أقبل على سينا Siena وجد المدينة في حرب أهلية، فلما استمع الحزبان المتحاربان إلى مواعظه أقبلوا عليه خاضعين، وأنهوا نزاعهم طوعاً لأمر إلى حين (٥٧). وكانت هذه الرحلات التبشيرية التي قام بها في إيطاليا هي التي أصيب فيها بالملاريا التي قضت على حياته في سن مبكرة.

بيد أن ما لقيه من النجاح في إيطاليا وجهله بالإسلام قد شجعاه على مواصلة