ويؤكد لتا الأخوان جيمس وماسيو أن الطيور كانت تنحني احتراماً لفرانس، وأنها لم تكن تبرح أماكنها حتى يباركها. والزهريات Fioretta التي نقلنا منها هذه القصة هي تبسيط باللغة الإيطالية لكتاب Actus Beati Francisci المكتوب باللغة اللاتينية (١٣٢٣)، وهي اقرب إلى الأدب منها إلى التاريخ الحق، ولكنها تعد في مستوى أجمل مؤلفات عصر الإيمان وأعظمها متعة.
ولما قيل له إن إنشاء طائفة دينية جديدة يتطلب الحصول على إذن من البابا، سافر فرانسس ومريده الاثنا عشر إلى روما في عام ١٢١٠، وعرضوا طلبهم ومبادئهم على إنوسنت الثالث. فنصحهم البابا العضيم بلطف أن يؤجلوا مسألة الإنشاء الرسمي للطائفة الجديدة حتى يحين الوقت لاختبار مبادئهم اختباراً عمليا، وقال لهم:"أبنائي الأعزاء، إن حياتكم لتبدو لي أقسى مما تطيقون، نعم إني أرى أنكم شديدوا التحمس لمبادئكم … ولكن من واجبي أن أفكر فيمن سيأتون بعدكم خشية أن يكون أسلوب حياتكم فوق ما يطيقون"(٥٥). وأصر فرانسس على طلبه، وخضع له البابا آخر الأمر- خضعت القوة المتمثلة في شخص البابا إلى الإيمان الممثل في شخص فرانس-، وقص الإخوان شعورهم، وخضعوا لرجال السلطة الدينية، وحصلوا من البندكتين في مونت سياسيو Mt. Subasio القريب من أسيسي على مصلى القديسة ماري الملائكية St. Mary of the Angeles، وهي مصلى لا يزيد طولها عن عشرة أقدام، وقد بلغ من صغر مساحتها لأن أطلق عليها اسم بورتي نيكولا portiuncula- " أي الجزء الصغير". وبنى الإخوان لهم أكواخا حول المصلى، وكانت هذه الأكواخ أولى أديرة طائفة القديس فرانسس الأولى.
وانضم إلى الطائفة أعضاء جدد، ولم يقتصر الأمر على هذا، ولكن فتاة ثرية في الثامنة عشرة من عمرها هي كلارا ديي اسكفي Clara dei Sciffi طلبت