وعاشت فيه حتى توفيت في عام ١١٦٣. وكان ضعفها الجسمي، وإسرافها في زهدها يسببان لها نوبات من الإغماء، تتلقى فيها إلهاماً من مختلف الأولياء المتوفين، كلها تقريباً من المعادين للكنيسة. ومما قاله لها ملكها الحارس "إن كرامة الله قد ذبلت، وإن رئيس الكنيسة لمريض، وإن أعضائها لأموات … أي ملوك الأرض! إن ظلمكم الصارخ قد ارتفع دويه حتى وصل إلى أنا نفسي"(٩٢).
وعلت موجة التصوف أواخر ذلك العهد في ألمانيا، وكان من متصوفيها ميستر إكهارت Meister Eckhart الذي وُلد حوالي علم ١٢٦٠، والذي نضجت آراؤه الصوفية ١٣٢٦، والذي حوكم وتوفي عام ١٣٢٧. وواصل تلميذاه سوسو Suso وتولر Tauler دعوته إلى وحدة الوجود الصوفية، وكانت هذه التقاليد، تقاليد التقوى غير الكنيسة، أحد الينابيع التي فاضت منها حركة الإصلاح الديني.
وكانت الكنيسة في العادة تحمل هؤلاء المتصوفين وتقبلهم في كنفها. نعم إنها لم تكن تسمح بان يخرج أحد خروجاً خطيراً عن قواعدها الرسمية، أو تجيز الفردية الفوضوية التي تدعو إليها بعض الشيع الدينية، ولكنها كانت ترضى عن قول الصوفية إنهم يتصلون اتصالاً مباشراً بالله عز وجل وتستمع في غير غضب إلى تنديد الأولياء بأخطائها الآدمية. وكان كثيرون من رجال الدين، ومنهم ذوو المناصب العالية في الكنيسة، يعطفون على ناقديهم، ويعترفون بما في الكنيسة من عيوب، ويتمنون أن لو استطاعوا هم أيضاً أن يتخلوا عن الأدوات والأعمال التي يضطلعون بها في الشؤون السياسية الدنيوية وما فيها من أدران تلوثهم، ويستمتعوا بما في الأديرة من طمأنينة وسلام، يطمعون من تقوى