للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن للعدالة الإلهية ساعتها المحدودة … وإن أحكام الله لتوشك أن تنفذ؛ وستنهار الإمبراطورية والبابوية معاً بعد أن تترديا في هوة الإلحاد … ولكن أمة جديدة ستقوم على أنقاضهما .. وستضم الوثنيين، واليهود، وعباد الدنيا؛ والكفرة جميعاً، وسيسود العالم ربيع الدهر والسلام بعد مولده الجديد، ويعود الملائكة وهم واثقون إلى السكنى بين الآدميين (٨٩).

وبعد مائة عام من ذلك الوقت أثارت إليصابات النورنجائية (١٢٠٨ - ١٢٣١) بلاد المجر بحياتها القصيرة التي قضتها زاهدة متبتلة. وإليصابات هذه ابنة الملك اندرو Andrew وقد تزوجت وهي في الثالثة عشرة من عمرها بأمير ألماني، وكانت أُماً في الرابعة عشرة، أرملة في سن العشرين. ونهب أخو زوجها مالها وطردها في فقر مدقع، فلجأت إلى حياة الورع والتجوال، ووهبت حياتها للفقراء، وكانت تؤوي النساء المصابات بالجذام، وتغسل جروحهن. وكانت وهي الأخرى تتراءى لها رؤى سماوية، ولكنها لم تكن تذيعها، ولم تدع لنفسها أية قوة خارقة ولما التقت بكنراد الماربرجى Canrad of Marburge عضو محاكم التحقيق الشرس افتتنت افتتاناً وبيلاً بقسوته في إخلاصه للدين، فأضحت جاريته المطيعة، يضربها إذا حادت قيد شعرة عما يعتقد انه الصلاح التقي، فكانت تخضع له خضوع الأذلاء، وتفرض على نفسها ضروباً شديدة من التقشف عجلت منيتها ولما تتجاوز الرابعة والعشرين من عمرها (٩٠). وبلغ من اشتهارها بالتقوى أن من كانوا يسيرون في جنازتها من اتباعها المخلصين الذين كادت تذهب النشوة بعقولهم قصوا شعر رأسها، وقطعوا أذنيها، وحلمتي ثديها ليتخذوها مخلفات مقدسة (٩١). ودخلت إليصابات أخرى الدير النسائي البندكتي في شنو Schnou القريبة من بنجن وهي في الثانية عشر من عمرها (١١٤١)،