أما فيليب فكان قوى الاعتقاد بأن ما للكنيسة في فرنسا من ثروة عظيمة يجب أن تتحمل نصيبها في نفقات الدولة، ولهذا عارض مرسوم البابا بأن حرم تصدير الذهب والفضة والأحجار الكريمة، والطعام، وبأن حرم التجار أو المبعوثين الأجانب البقاء في فرنسا. وحالت هذه الإجراءات دون وصول المال إلى البابوية من أهم مصادر إيرادها، وأخرجت من فرنسا عمال البابا الذين كانوا يجمعون المال لحرب صليبية في الشرق. ولهذا نكص بنيفاس في مرسومه Ineffabirlis Amor (سبتمبر عام ١٢٩٦)، ووافق على تبرع رجال الدين بالمال مختارين سبيل الدفاع الضروري عن الدولة، واعترف بحق الملك في أن يقرر هو هذه الضرورة. وألغى فيليب أوامره الانتقامية، وارتضى هو وإدوارد أن يكون بنيفاس - لا بوصفه بابا، بل بوصفه شخصاً عادياً - حكما في النزاع القائم بينهما. وحكم بنيفاس لصالح فيليب في معظم أوجه النزاع، وخضعت إنجلترا لحكمه إلى حين، واستمتع المحاربون الثلاثة بفترة قصيرة من السلم.
وقرر بنيفاس أن تكون سنة ١٣٠٠ سنة عيد، ولعله أراد بذلك أن يملأ الخزانة البابوية، بعد أن نقضت إيراداتها من إنجلترا وفرنسا، أو لعله أراد أن يجمع المال اللازم لحرب يستعيد بها صقالبة بوصفها إقطاعية بابوية، ولحرب أخرى يوسع بها الولايات البابوية حتى تشمل تسكانيا (٩٨). ونجح في هذه الخطة نجاحاً تاماً، فلم تشهد روما من قبل جموعاً كالتي شهدتها في ذلك الوقت. وفرضت حينئذ، ولعلها فرضت للمرة الأولى، قواعد المرور للإشراف على حركات الناس (٩٩). وأحسن بنيفاس ومساعدوه إدارة شئون المدينة فجلبوا إليها الطعام موفورا وبيع فيها بأثمان معتدلة تحت إشراف البابا ورجاله. وكان من المزايا التي استمتع بها البابا أن الأموال الكثيرة التي جمعت بهذه الطريقة لم تكن مخصصة لغرض بالذات، بل كان وسعه أن يستخدمها كما يشاء. وبلغ بنيفاس وقتئذ ذروة مجده رغم ما ناله من أنصاف الانتصارات وما أحاق به من الهزائم المنكرة.