للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت الكثرة الغالبة منهن لا تفعلنه (٤). وكان الأطفال محبوبين، كما هم محبوبين الآن؟ ولكنهم كانوا يضربون أكثر مما يضربون في هذه الأيام، وكانوا كثيري العدد بالرغم من كثرة من يموتون منهم في سن الطفولة وسن المراهقة. وكان بعضهم يؤدب البعض لاجتماعاتهم في مكان واحد، وقد تحضروا بسبب خوفهم من ارتكاب الذنوب. وتعلموا من أقاربهم ورفاقهم في اللعب كثيراً من فنون القطر أو المدينة، وتقدموا تقدماً سريعاً في معارفهم وخبثهم. وفي ذلك يقول تومس من أهل سيلانو Celano في القرن الثالث عشر: "لا يكاد الأولاد ينطقون حتى يتعلموا الخبث، وكلما تقدموا في السن زادوا سوءاً على سوء حتى يصبحوا مسيحيين بالاسم لا أكثر" (٥). ولكن الذين يكتبون في الأخلاق مؤرخون غير صادقين، فقد كان الأولاد يبلغون سن العمل وهم في الثانية عشرة من عمرهم ويبلغون سن الرشد القانوني في السادسة عشرة.

وكانت مبادئ الأخلاق المسيحية تتبع مع المراهقين سياسة صامتة بآراء الأمور الجنسية. فقد كان النضج المالي أي القدرة على كفالة الأسرة يجيء بعد النضج الجنسي أي القدرة على الخلف، وكان الاعتقاد السائد أن التربية الجنسية قد تزيد آلام العفة في تلك الفترة من العمر، وكانت الكنيسة تتطلب العفة قبل الزواج لتساعد بذلك على الاحتفاظ بالوفاء بعده وعلى النظام الاجتماعي والصحة العامة. ولكن الشاب في العصور الوسطى كان في أكبر الظن قد ذاق أنواعاً من الصلات الجنسية قبيل بلوغه السادسة عشرة من عمره. فقد عاد اللواط إلى الظهور في أثناء الحروب الصليبية، وفي أثر تيار الآراء الشرقية (١)، وعزلة الرهبان والراهبات (٦). وكانت المسيحية قد أفلحت في مهاجمة هذا الداء في العصور القديمة المتأخرة. وقد كتب هنري رئيس دير كليرفو عن فرنسا في عام


(١) كثيراً ما تظهر هذه العادات اللعينة في الحروب، وقد وجدت في الغرب والشرق على السواء، وإذا رجع القارئ إلى الفصل الخامس باليونانية من هذه السلسلة رأى ما ناله المؤلف عنها عند القوم. (المترجم)