للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإياه قصص المغامرات، وكثيراً ما كانت هي البادئة في الغرام دون حياة (٥٣). وأيا كانت الطبقة التي تنتمي إليها فقد كانت تتنقل بكامل حريتها، وقلما كان معها محرم. وكانت تزحم الأسواق وتسيطر على الاحتفالات، وتصاحب الرجال في الحج، وتشترك في الحروب الصليبية، ولم يكن شأنها فيها للتسلية فحسب، بل كانت في بعض الأوقات جنديا في عدة حروب الكاملة. وكان الرهبان الخوار والعود يحاولون أن يقنعوا أنفسهم بأن منزلتها دون منزلة للرجال، ولكن الفرسان كانوا يقتتلون لنيل رضاها والشعراء يقرن بأنهم عبيد لها. وكان الرجال يتحدثون عنها وصفها خادماً مطيعاً، ويحملون بها على أنها إلهة معبودة. وكانوا يصلون لمريم العذراء ولكنهم يقنعون إذا حصلوا على إليانور الأكتانية Eleanor of Aquitine.

ولم تكن إليانور هذه إلا واحدة من عشرات النساء العظيمات في العصور الوسطى- أمثال جلا بلاسيديا Galla Plaisedia، وثيودورا، وإيرينه Irene، وأناكمينا Anna Commena، وما تلده كونتة تسكانيا، وماتلده ملكة إنجلترا، وبلانش النفبرية Blanch of Navarre، وبلانش القشتالية، وهلواز Heloise. وكان جد إليانور وليم العاشر الأكتاني، أميراً وشاعراً ونصيراً للشعراء الغزليين وزعيما لهم. وكان يفد إلى بلاطه في بوردو أحسن الفكهين والظرفاء وذوو الشهامة في جنوبي فرنسا الغربي، وقد تربت إليانور في هذا البلاط لتكون ملكة الحياة والآداب جميعاً. واتصف بكل ما كان في هذا الجو المشمس الحر من ثقافة وأخلاق: قوة في الجسم، ورشاقة في الحركة، وقوة في العاطفة الخلقية والجسمية، وحرية في العقل والآداب والحديث، وخيال شعري، وروح مشرقة، وهيام لا حد له بالحب، والحرب، والملذات كلها، يكاد يصل إلى الموت. ولما بلغت الخامسة عشرة من عمرها (١١٣٧) عرض عليها ملك فرنسا أن يتزوجها، لأنه كان يتوق إلى ضم دوقيتها أكتين،