وثغرها العظيم بوردو إلى تاجه وموارده المالية. ولم تكن تعرف أن لويس السابع بليد ورع، منهمك أشد الانهماك في شئون الدولة. فانتقلت إليه بمرحها، وجمالها، وتحررها من مقتضيات الضمير، فلم يعجبه إسرافها، ولم يهتم بالشعراء الذين تبعوها إلى باريس ليجزوها على رعايتها إياهم بالمدائح والقوافي.
وكانت شديد الشوق إلى المغامرات، فاعتزمت أن تصحب زوجها إلى فلسطين في الحملة الصليبية الثانية (١١٤٧)، وليست هي ووصيفاتها ملابس الرجال والحلل العسكرية، وبعثن بمغازلهن في ازدراء إلى الفرسان القاعدين في أوطانهم، وركبن في مقدمة الجيش يلوحن بالأعلام الزاهية ومن ورائهن الشعراء الغزلون (٥٥). وأهملها الملك أو لامها فسمحت لنفسها في إنطاكية وغيرها من الأماكن ببعض مغامرات الحب، فأشيع مرة أنها تحب عمها رايمند البنتييري Raymond of pontiers، ومرة أخرى أنها تحب عبداً مسلماً جميلا، وقال النمامون الجهلاء مرة إنها تحب صلاح الدين التقي الورع نفسه (٥٦). وصبر لويس على هذا العبث، وعلى لسانها السليط، ولكن القديس برنار شهر بها في العالم. وظنت أن الملك سيطلقها، فقاضته في عام ١١٥٢ تطلب الطلاق منه بحجة أن نسبهما متصل في الدرجة السادسة. وابتسمت الكنيسة ساخرة من هذه الحجة، ولكنها منحت الطلاق، وعادت إليانور إلى بوردو، واستعادت حقها في الملك أكتين، وفيها التفت حولها طائفة كبيرة من الخاطبين، اختارت منهم هنري بلانتاجنت Henry Plantagenet ولي عهد إنجلترا، وبعد سنتين من ذلك الوقت أصبح هنري الثاني، وعادت إليانور ملكة مرة أخرى (١١٥٤) - "ملكة إنجلترا بغضب الله" على حد قولها.
وجاءت إلى إنجلترا بأذواق الجنوب، وظللت فيها، كما كانت في فرنسا، المشترعة العليا للشعراء القصاصين والغزلين، ونصيرتهم، ومعبودتهم. وكانت وقتئذ قد بلغت السن التي تمكنها من أن تكون وفية، ولم يجد هنري ما يشينها.