ولكن الآية انعكست، فقد كان هنري أصغر منها بإحدى عشرة سنة ولم يكن ينقص عنها في حدة المزاج وقوة العاطفة، وسرعان ما أخذ يشيع حبه بين نساء البلاط. واستشاطت إليانور غضباً واكتوى قلبها بنار الغيرة، وهي التي من قبل تحتقر الرجل الغيور. ولما أنزلها هنري عن عرشها هربت من إنجلترا، نريد أن تحمي بأكتين، فأمر بتعقبها، وقبض عليها، وزجت في السجن، وظلت ستة عشر عاماً يذبل غصنها فيه وإن لم يفل ذلك من قوة إرادتها. وأثار الشعراء الغزلون عواطف أوربا على الملك، وائتمر به أبناءه، بإيعاز منها، لخلعه، ولكنه ظل يقاومهم ويحاربهم إلى يوم مماته (١١٨٩). وخلف رتشارد قلب الأسد أباه، وأخرج أمه من السجن، وعينها نائبة لملك إنجلترا حين خرج لقتال صلاح الدين في الحرب الصليبية، ولما أصبح ابنها جون ملكاً، آوت إلى دير فرنسا، حيث ماتت "من الحزن، وضعف العقل" في الثانية والسبعين من عمرها. لقد كانت إليانور "زوجة فاسدة، وأما فاسدة وملكة فاسدة"(٥٧)، ولكن منذا الذي يفكر فيها على أنها من جنس خاضع ذليل.