وكانت القوانين تتطلب أن يقسم الناس الأيمان في كل صغيرة وكبيرة، فكانوا يقسمون على الكتب أو المخلفات المقدسة، وكان يطلب إليهم في بعض الأحيان أن يقسموا بألا ينقضوا القسم الذي يوشكون أن يقسموه (٦٥)، ومع هذا فإن الحنث بالأيمان قد كثر إلى حد جعل الناس يلجئون إلى تحكيم القتال رجاء أن يظهر الله أي الجانبين أكثر كذباً من الجانب الأخر (٦٦).
وكثيراً ما كان أرباب الحرف في العصور الوسطى يخدعون المشترين ببيعهم بضائع قديمة بالية، أو منقوصة الطول، أو يحتالون عليهم ببيعهم سلعاً غير المرغوب فيها. وكان بعض الخبازين يسرقون أجزاء صغيرة من العجين أمام أعين ملاكهم، ويستخدمون لذلك الغرض باباً سرياً في وعاء العجين، وكانت أقمشة رخيصة توضع سراً في مكان أقمشة غالية دفع ثمنها وتعهد البائعون بتوريدها، وكان الجلد الرخيص "يزين" لكي يبدو شبيهاً بأحسن أنواع الجلود (٦٧)، وكانت الحجارة تخبأ في أكياس الدريس والصوف التي تباع بالوزن (٦٨)، واتهم الذين يعبئون اللحوم في نورتش Norwich بأنهم "يشترون الخنازير المصابة بالحصبة، ويصنعون منها وزما وفطائر مضرة بالصحة"(٦٩). ويصف برنلد الرجنسيرجي Berthold of Regenesburg (حوالي ١٢٢٠) مختلف أنواع الغش التي تستخدم في الحرف المتباينة، والحيل التي يحتال بها التجار في الأسواق على أهل الريف (٧٠). وكان الكتاب والوعاظ ينددون بالجري وراء الثروة، لكن حكمة ألمانية من حكم العصور الوسطى تقول:"إن كل الأشياء تطيع المال"؛ وكان بعض الأخلاقيين في تلك العصور يرون أن حب الكسب أقوى من الغريزة الجنسية (٧١). ولسنا ننكر أن شرف الفروسية كثيراً ما كان من الحقائق الواقعة في نظام الإقطاع، ولكن يبدو أن القرن الثالث عشر لم يكن يقل ولعاً بالمادة عن أي عهد آخر من عهود التاريخ. تلك كلها أمثلة من الاحتيال والخداع جمعناها من أزمنة طويلة ومساحات واسعة؛ وهي بلا ريب من الوقائع