للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وزخرفتها، ونسجها والتصوير عليها، هيأت أعمالهن في هذا أكثر مما هيأت معظم الفنون من أسباب المتعة غير المحسة التي نستمدها من وجود الأشياء الجميلة الصامتة معنا أو بالقرب منا. وكان للمنسوجات الرقيقة المغزولة بحذق وعناية ذات المنظر الجميل والملمس اللطيف قيمة عالية في عصر الإيمان، فقد كانت تغطي مذابح الكنائس، ومخلفات الأولياء، والآنية المقدسة، ويرتديها القساوسة، أفراد الطبقة الراقية في المجتمع رجالاً كانوا أو نساء، وكانت هذه المنسوجات نفسها تلف في ورق ناعم لطيف رقيق، اشتق اسمه من اسمها فسمي "ورق النسيج" واستطاعت فرنسا وإنجلترا في القرن الثالث عشر أن تنزلا القسطنطينية عن عرشها بوصفها أكبر منتج للتطريز الفني، فنحن نسمع في عام ١٢٥٨ عن نقابات المطرزين في باريس، ويحدثنا ماثيو باريس Matthew Paris تحت عنوان سنة ١٢٤٦ أن البابا إنوسنت الرابع ذهل حين رأى الأحبار الإنجليز الذين زاروا روما يرتدون ملابس مطرزة بالذهب وأمر أن تصنع مثل هذه الزخارف الإنجليزية الفخمة لحرامله وحلله التي يلبسها في أوقات القداس. وكانت بعض ملابس رجال الدين مثقلة بالجواهر، وخيوط الذهب، واللوحات المصورة المصنوعة من الميناء إلى حد يصعب عليهم معه المشي وهم يرتدونها (٦)، ولقد اشترى ثري أمريكي ثوباً كهنوتياً يعرف بإسم حبرية أسكولي Cope of Ascol (١) بستين ألف دولار. وكان أشهر ثوب مطرز في العصور الوسطى هو "ثوب شارلمان الدلماشي: وكان الاعتقاد السائد أنه صنع في دلماشيا، ولكن يغلب على الظن أنه من صنع القسطنطينية في القرن الثاني عشر، وهو الآن من أثمن التحف في كنوز الفاتيكان.


(١) ولما عرف أنها مسروقة أعادها إلى الحكومة الإيطالية، واكتفى بمدلاة جزاءاً له على أمانته.