وحلت السجف أو الأقمشة المطرزة التي تزين بها الجدران محل الصور الملونة في فرنسا وإنجلترا، وبخاصة في الأبنية العامة. وكان يحتفظ بعرضها كاملة لأيام الأعياد، فكانت في تلك الأيام تعلق تحت العقود بين أعمدة الكنائس، وفي الشوارع، وعلى القوارب في المواكب، وكانت تنسج عادة من الصوف أو الحرير بأيدي "المتُعباَت" أي الوصيفات اللاتي يخدمن قصور سادة الإقطاع تحت إشراف أمينة القصر. وكان عدد كبير منها تنسجه الراهبات، وبعضه ينسجه الرهبان. ولم تكن المنسوجات التي تزدان بها الجدران تطاول الصور الدقيقة الملونة في جمالها، وكان يقصد بها أن ترى عن بعد، وكان يضحى فيها بدقة الخطوط في سبيل وضوح الصورة ولألاء اللون وثباته. وكان يقصد بها تخليد ذكرى حادثة تاريخية أو قصة خيالية ذائعة الصيت، أو تفريج هم من في داخل البيوت بتمثيل المناظر الطبيعية، أو الأزهار، أو البحر. وقد ورد ذكرها في فرنسا منذ القرن العاشر، ولكن أقدم نموذج لها باق إلى اليوم لا يكاد يرجع عهده إلى ما قبل القرن الرابع عشر. وكانت فلورنس في إيطاليا، وشنشيلا في أسبانيا وبواتييه، وأراس، وليل في فرنسا، تتزعم مدائن الغرب في فن أقمشة الجدران والطنافس. هذا وليست أقمشة بايو Bayeux الذائعة الصيت في العالم كله من نوع هذه الأقمشة إذا أردنا الدقة في التعبير، لأن النقوش التي عليها مطرزة على سطحها وليست جزءاً من النسيج. وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى كنيسة بايو التي ظلت تحتفظ بها زمناً طويلاً، وتعزوها الرواية المتواترة إلى ماتلدة زوجة وليم الفاتح وإلى السيدات اللاتي كن في بلاط الملك النورمان، ولكن العلماء الذين لا يبالون بإغضاب كرائم العقائل يفضلون أن يعزوها إلى صناع غير معلومين، وإلى عصر أحدث من عصر وليم (٨). وهذه الزينات تنافس المؤرخين الإخباريين في كونها مصدراً من مصادر الفتح النورماندي. فقد نقش على قطعة من نسيج التيل الأسمر، عرضها تسع عشر بوصة وطولها إحدى وسبعون ياردة،