عديدها. ففي ليون Leon ستة عشر ثوراً تخور فوق أبراج الكنيسة الكبرى، ويقولون لنا إنها تمثل الوحوش القوية التي ظلت السنين الطوال تنقل جلاميد الحجارة من المحاجر إلى الكنيسة القائمة على رأس التل. وتقول إحدى القصص الظريفة: إن ثوراً كان في يوم من الأيام يصعد بمشقة فوق التل فوقع على الأرض من فرط الإعياء، وظل الحمل متزناً مزعزعاً على منحدر التل حتى ظهر ثور بمعجزة من المعجزات، وانزلق تحت عدة الثور الملقى على الأرض، وجر العربة إلى قمة التل، ثم اختفى في الهواء السماوي الإعجازي (٢٤). وإنا لنبتسم ساخرين من هذه القصص الخيالية، ونعود إلى قراءة قصصنا التي تحدثنا عن الجرائم وعن العلاقات الجنسية.
واتسعت الكنائس أيضاً لحدائق النبات، وهل ثمة بعد العذراء والملائكة، والقديسين، زينة لبيت الله أحسن من النباتات، والفاكهة، وأزهار الريف الفرنسي، أو الإنجليزي، أو الألماني؟ ولقد بقيت الزخارف النباتية القديمة- التي تمثل أوراق الكنكر والكرم- في فن العمارة الرومنسية (٨٠٠ - ١٢٠٠)، ثم حلت محل هذه الزخارف الشكلية العرفية في الفن القوطي طائفة تدهش الإنسان لكثرتها من النباتات المحلية، منقوشة على قواعد الأعمدة وتيجانها، والأجزاء الشبه مثلثة التي بين العقود، والعقود نفسها، وفي الطنف، والعمد نفسها، والمنابر، ومقاعد المرنمين، وقوائم الأبواب، والمصاطب .. وليست هذه الأشكال مما حدده العرف، بل هي في كثير من الأحيان أنواع فردية، محبوبة في البيئة التي صورتها، وبعث فيها المؤلف الحياة. وتراها في بعض الأحيان زينات مركبة من نباتات مختلفة جمعت بعضها إلى بعض، وذلك أيضاً مما ابتدعه الخيال القوطي، ولكنها مع ذلك ظلت تشعر الناظر إليها بأنها من صنع الطبيعة. وترى الأشجار، والغصون، والعساليج، والأوراق، والبراعم، والأزهار، والفاكهة، والسرخس، والشقيق الأصفر، والطلح، والكرسون المائي، وعود الريح، وأشجار الورد،