للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خليق لهذا السبب بأن نغفر له بعض مغالاته. ولكن أسباباً كثيرة كانت تدعو إلى بناء الكنائس بهذه الكثرة وتلك السعة: لقد كان من المرغوب فيه أن يجتمع سكان بعض المدن مثل فلورنس، وبيزا، وتشارتز، ويورك، في صرح واحد في بعض المناسبات. كذلك كان لا بد أن تتسع كنيسة الدير المزدحم للرهبان والراهبات ولغير رجال الدين. وكان لا بد من أن تحفظ المخلفات المقدسة في أضرحة خاصة تتسع أيضا للصفوة من العابدين، وكانت الحاجة تدعو إلى وجود بناء مقدس رحب تقام فيه الطقوس الكبيرة، وإلى مذابح جانبية من الأديرة والكثدرائيات التي ينتظر أن يتلو قساوستها الكثيرون القداس في كل يوم، وكان الاعتقاد السائد أن مذبحاً أو مصلى يخصص لكل قديس محبوب قد يدعوه إلى إجابة طلبات من يتوسلون إليه، وكان لا بد أن يبنى لمريم"مصلى نسائي" إذا لم تكن الكنيسة كلها ملكا لها.

أما نفقات هذه الصروح فقد كان معظمها يؤخذ مما يجمع من الأموال في كرسي الأبرشية؛ وكان الأساقفة فضلا عن هذا يطلبون العطايا من الملوك والنبلاء، والمدن ذات الحكم الذاتي؛ والنقابات الطائفية والأبرشيات، والأفراد. وكانت المنافسة الطيبة تثار بين المدن التي أضحت الكثدرائية فيها رمزاً لثرائها وسلطانها، تتحدى بهما غيرها من المدن، وكان المتبرعون يوعدون بأن تغفر لهم ذنوبهم، كما كانت المخلفات المقدسة يطاف بها في الأبرشية لتحفز الناس إلى العطاء، وقد يحدث في بعض الأحيان أن يحرض الناس على البذل والسخاء بمعجزة من المعجزات (٢). وكان التنافس في بذل المال للبناء شديداً، وكان الأساقفة يعارضون في جمع المال من الأبرشياتهم لإقامة منشآت في غيرها، ولكن أساقفة من أجزاء أخرى، ومن بلاد أجنبية في بعض الأحيان، كانوا يمدون بالمعونة مشروعات في غير بلادهم كما حدث في مدينة تشارتر ولسنا ننكر أن بعض هذه الطبقات كانت تقرب أحياناً من الإلزام، ولكنها قلما تصل إلى قوة