لتحمل ضغط الواجهة الجنوبي، وضغط طوب الأجنحة. وكان في المباني النورمندية والإنجليزية برج ثالث ذو نوافذ كثيرة، إذا لم يكن جزؤه الأكبر مفتوحاً عند قاعدته، وكان هذا البرج بمثابة "فانوس" ينفذ منه الضوء الطبيعي إلى وسط الكنيسة. وقد أراد المهندسون القوط المولعون بالأوضاع الرأسية أن يضيفوا برجاً رفيعاً مستدق الطرف لكل واحد من هذين البرجين، غير أنهم لم يسعفهم المال، أو المهارة الفنية، أو الحماسة، وسقطت هذه الأبراج المستدقة كما حدث في بوفيه، ولم تقم في كثدرائيات نوتردام، أو أمين، أو ريمس أبراج من هذا النوع، ولم يبن في تشارتر إلا برجان من الثلاثة الأبراج المستدقة التي كان في النية إقامتها، كما لم يبن في لاؤن إلا واحد من خمسة، وقد دمر هذا البرج المستدق في أثناء الثورة الفرنسية. وكان برج الجرس يشرف على المدن الإيطالية، كما كان البرج المستدق يشرف على براري البلاد الأوربية والشمالية. وكانت هذه الأبراج في تلك الجهات الشمالية منفصلة عادة عن بناء الكنيسة، تشبه من هذه الناحية برج بيزا Pisa المائل، أو برج جيتو في فلورنس. ولعل من شاهدوها قد تأثروا بالمآذن الإسلامية، ثم عادوا فنشروا هذا الطراز في فلسطين وسوريا، وأصبحت هي أبراج الأجراس في المدن الشمالية.
وإذ كانت العمد التي على جانبي الطرقة الوسطى في داخل الكنيسة تعتمد عليها عقود تنحني حتى تلتقي في قبة السقف، فإن هذه الطرقة تبدو للناظر كأنها هيكل المركب من الداخل في وضع مقلوب، ومن هذا الوضع اشتق اسمها Nav (١) . وكان طولها ينقص تأثيره في نفس الناظر إليه أحياناً، وبخاصة في إنجلترا، بإضافة شباك من الرخام أو الحديد المشغول منحوت أو مصبوب نحتاً أو صباً جميلاً يعترض الصحن ليقي المحراب من تطفل العلمانيين أثناء الصلاة.
(١) الاسم الإنجليزي Nave الذي يطلق على صحن الكنيسة أي جزئها الأوسط الهام مشتق من كلمة net المأخوذة من كلمة navis اللاتينية ومعناها السفينة. (المترجم)