للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان في المحراب مقاعد للمرنمين كلها تحف فنية على الدوام، ومنبران، ومقاعد للقساوسة الذين يصلون بالناس، والمذبح الرئيسي الذي يحتوي في أغلب الأحيان على ستار خلفي مزخرف. ومن حول المحراب ممشى دائري يصل صحن الكنيسة بقباها، ويسمح للمواكب بأن تطوف البناء كله. وكانت بعض الكنائس تنشئ تحت المذبح قبواً تحفظ فيه مخلفات القديس الشفيع، أو عظام الأموات الممتازين، وكأنها بذلك تذكرنا بحجرات الدفن في مقابر الرومان.

وكانت المشكلة الكبرى في العمارة الرومانسية أو القوطية هي طريقة ارتكاز السقف. لقد كانت الكنائس الأولى المقامة على الطراز الرومنسي ذات سقف خشبية مصنوعة في العادة من خشب البلوط الجيد الجفاف. وإذا ما أحسنت تهوية هذا الخشب ومنعت عنه الرطوبة فإنه يبقى إلى ما شاء الله، وشاهد ذلك أن الطريقة الجنوبية المستعرضة في كثدرائية ونشستر لا تزال محتفظة بسقفها الخشبي المصنوع في القرن الثاني عشر. وأكبر عيب في هذه السقف هو تعرضها لخطر الحريق، فإذا ما شبت النار فيها من الصعب الوصول إليها لإطفائها. ولهذا فإنه لم يستهل القرن الثاني عشر حتى كانت الكنائس الكبرى كلها تقريباً قد بنيت سقفها. وكان ثقل هذا السقف هو الذي وجه تطور العمارة الأوربية في العصور الوسطى. فكان لابد من أن يرتكز قسم كبير من هذا الثقل على العمد المقامة على جانبي الصحن، وإذن فقد كان لابد من تقوية هذه العمد أو مضاعفة عددها، وقد تحقق هذا الغرض بضم عدد من العمد في مجموعة أو إحلال دعامات ضخمة من البناء محل هذه العمد. وكانت مجموعة العمد أو الدعامة الضخمة يعلوها تاج، وربما كانت لها أيضاً عصابة يتسع بها سطحها لتحمل ما يعلوها من ثقل، وكانت مروحة من العقود تقوم فوق كل مجموعة من العمد أو الدعامة: منها عقد مستعرض في الصحن يمتد إلى الدعامة المواجهة، وعقد مستعرض آخر يمر فوق الطرقة إلى دعامة في الجدار، وعقدان طوليان يمتدان إلى الدعامتين التاليتين