كل بيت في البلدة قد دمر في هذا الحريق المروع الذي لا تزال آثاره باقية تشاهد حتى اليوم في بقايا الكثدرائية. وفقد الأهلون شجاعتهم إلى حين وفقدوا بفقدها إيمانهم بالعذراء، وأرادوا أن يغادروا المدينة ولكن مليور Melior الرسول البابوي الذي لا تلين له قناة قال إن الله قد أصابهم بهذه الكارثة عقاباً لهم على ذنوبهم، وأمرهم أن يعيدوا بناء كنيستهم وبيوتهم، وتبرع رجال الدين في الأسقفية بدخلهم كله تقريباً مدى ثلاث سنين، وتناقل الناس أخبار معجزات جديدة لعذراء تشارتر، وبعث الإيمان في القلوب من جديد، وأقبلت الجماعات مرة أخرى كما أقبلت في عام ١١٤٤ لتساعد العمال المأجورين على جر عربات النقل ووضع الحجارة في أماكنها، وتبرعت بالمال كل كاتدرائية في أوربا (١٤)، ولم يحل عام ١٢٢٤ حتى كان الكدح والأمل قد أتما الكاتدرائية التي جعلت تشارتر مرة أخرى مقصد الحجاج من جميع الأنحاء.
وكان التصميم الذي وضعه المهندس المجهول يقضي بألا يقيم الأبراج على جناحي الواجهة الغربية وحدها، بل أن يقيمها أيضاً على الأبواب التي عند ملتقى الطرقات المتعامدة على الصحن وعند القبا، غير أنه لم يبين من هذه الأبراج إلا برجان فوق واجهة الكنيسة. وارتفع برج الناقوس القديم (١١٤٥ - ١٧٠) بشمروخه إلى علو ٣٥١ قدماً في الطرف الجنوبي من الواجهة، وهذا البرج بسيط غير مزخرف يفضله المهندسون المحترفون على غيره من الأبراج المزخرفة (١٥). أما البرج الشمالي- المعروف ببرج الجرس الجديد فقد أحرقت النار شمروخه الخشبي مرتين، ثم أعاد جان لي تكسييه Jean le Texier بناءه بالحجارة على الطراز القوطي الكثير الألوان المزدحم بالزخارف الدقيقة، حتى حسبة فرجسون Fergusson" أجمل الشماريخ المنقوشة في القارة الأوربية"(١٦)، ولكن المتفق عليه بوجه عام أن هذا الشمروخ الكثير الزخرف لا يتفق مع الوحدة التي تتطلبها الواجهة الكالحة المجردة من الزينة (١٧).