للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيثاغورس، والجدل ويمثله أرسطو، والبلاغة ويمثلها شيشرون، والهندسة ويمثلها إقليدس، والحساب ويمثله نيقوماخوس، والنحو ويمثله برشيان Prician، والفلك ويمثله بطليموس. وقد أمر القديس لويس أن يتم الباب الشمالي: "بسبب إخلاصه الشديد لكنيسة عذراء تشارتر، ولنجاة روحه وأرواح آبائه" كما جاء بالنص في عهده الصادر عام ١٢٥٩ (١٩). وحدث في عام ١٧٩٣ أن رفضت جمعية الثورة الفرنسية بأغلبية قليلة اقتراحا يقضي بتدمير التماثيل المقامة في كثدرائية تشارتر باسم الفلسفة واسم الجمهورية، وارتضت الفلسفة بعدئذ ألا تدمر هذه التماثيل واكتفت بتحطيم بعض أيديها (٢٠). وهذا الباب الشمالي هو باب العذراء، وهو يروي قصتها رواية ملؤها الحب والإجلال. والتماثيل المجسمة المقامة هنا تمثل فن النحت في نضوجه، والثياب التي عليها لا تقل في رشاقتها ومواءمتها للطبيعة عن مثيلاتها في أي نحت يوناني، وصورة "الطهر" تمثل الأنوثة الفنية كأحسن ما يمثلها الفن الفرنسي، ففيها يكسب الطهر الجمال قوة على قوته، وليس في تاريخ النحت كله ما هو أجمل من هذه الصورة، وفي ذلك يقول هنري أدمز Henry Adams: وهذه التماثيل هي أحسن ما صوره الفن الفرنسي في الرخام" (٢١).

وإذا ما دخل الإنسان الكنيسة انطبعت في نفسه أمور أربعة تمزج بعضها ببعض: الخطوط البسيطة الممثلة في الصحن والقبة، التي لا تكاد تبلغ في حجمها أو جمالها ما يبلغه صحن كنيسة أمين أو ونشستر، وستار مكان المرنمين المزخرف الذي بدأه عام ١٥١٤ جان دي تكسبه المولع بكثرة الألوان، وصورة المسيح الهادئة المقامة على عمود عند ملتقى الصحن بالطرقات الجانبية من جهة الجنوب، والتي تغمر المكان كله بلون هادئ وزجاج ملون منقطع النظير. ويرى الناظر في نوافذ هذا المكان البالغ عددها ١٧٤ نافذة ٣٨٨٤ صورة مأخوذة من الأقاصيص أو التاريخ، تختلف من الأساقفة إلى الملوك، وتمثل فرنسا في العصور