الوسطى، يراها الناظر في أبهى ما أخرجه الفن من ألوان - حمراء داكنة، وزرقاء خفيفة، وخضراء زمردية، وزعفرانية، وصفراء، وبنية، بيضاء. وفيها ترى مجد تشارتر أكثر مما تراه في أي مكان سواه. وليس من حقنا أن نطلب أن تكون الصورة التي في هذه النوافذ صوراً واقعية، ذلك أنها مشوهة، بل إنها لتبلغ حد السخف في بعض الأحيان. فرأس آدم في الحلية الوسطى التي تمثل طرده من الجنة معوج اعوجاجاً يؤلم النظر إليه، وإن العابد ليصعب عليه إذا ما أبصر مفاتن حواء أن لا يميل إلى شهوته الجنسية. لقد كان هؤلاء الفنانون يظنون أن حسبهم أن يروي الصورة قصة، بينا تمثل الصورة بألوانها. التي يختلط بعضها ببعض ويفني بعضها في بعض في عين الناظر، جو الكثدرائية، وما أجمل صورة نافذة"الإبن المتلاف"؛ وما أعظم الألوان والخطوط في صورة "شجرة يسى" الرمزية (١)، ولكن أجمل من هذه كلها صورة"عذراء النافذة الجميلة". وتقول الرواية المأثورة إن هذه اللوحة البديعة أنقذت من النيران التي اندلعت في الكنيسة عام ١١٩٤.
وإذا وقف الإنسان عند تقاطع الطرقات الجانبية والصحن رأى نوافذ تشارتر الكبرى الوردية الشكل. وتمتد النافذة الوسطى في الواجهة الرئيسية أربعين قدما كاملة، وتكاد تضارع في اتساعها الصحن الذي تطل عليه، ولقد وصفها بعضهم بأنها أجمل تحفة من الزجاج عرفها التاريخ (٢٣).
وتغمر النافذة المعروفة "وردة فرنسا" ملتقى الطرق بالصحن من جهته الشمالية بفيض من الضوء. وكان زجاج هذه النافذة قد أهدى إلى لويس التاسع وبلانش القشتالية، ثم أهدياه إلى العذراء، ويواجهها في الناحية المقابلة لها من الكنيسة "وردة درية Dreux" القائمة عند تقاطع الطرقات بالصحن في الواجهة الجنوبية وهي التي أهداها بيير موكلير Pierre Mauclere من دريه وبلانش،