وظل الطرف الشرقي للكنيسة القوطية الإنجليزية هو القبا المربع المعروف في الطراز الإنجليسكسوني، متجاهلاً في ذلك التطور الفرنسي السهل الذي أنتج القبا الكثير الأضلاع أو النصف الدائري. وكان الطرف الشرقي يوسع في كثير من الحالات ليكون مصلى خاصة لعبادة العذراء، وإن كانت عبادة مريم لم تبلغ من الحماسة الدرجة التي بلغتها في فرنسا، وكثيراً ما كان موضع اجتماع القساوسة في الكثدرائية وقصر الأسقف متصلين بالكنيسة يكونان معها "حرم الكنيسة"، وكان يحيط به في العادة سور. وكان انتشار عنابر النوم، وقاعات الطعام، والدير، والطرقات المنعزلة في الأديرة القوطية بإنجلترا واسكتلندا - كما هي الحال في فوانتينز، درايبرج Dayburgh، وملروز Melrose، وتنتيرن، Tintern داخل محيط واحد مما جعلها تكون مجموعة فنية ذات جلالة وروعة.
ويبدو أن المبدأ الأساسي في العمارة القوطية-مبدأ توازن الضغوط وتصريفها لتقليل ضخامة الدعائم والمساند- وما ينشأ عن هذه الضخامة من قبح المنظر- لم يحز قط قبولاً تاماً في إنجلترا، ولم يعدل سمك الجدران الذي يمتاز به الطراز الرومنسي القديم إلا تعديلا يسيراً في الطراز القوطي الإنجليزي، حتى الحالات التي يتحتم فيها تكييف التصميم ليوائم القاعدة الرومنسية كما حدث في سلزبري. وكان المهندسون الإنجليز ينفرون من المساند المتنقلة نفور المهندسين الطليان. نعم إنهم لجئوا إليها في بعض الأماكن، ولكنهم فعلوا ذلك في غير مبالاة، وكانوا يشعرون بأن دعائم البناء أن يحويها البناء نفسه، لا أن تكون في الزوائد التي تضاف إليه، ولعلهم في هذا على حق، وإن لكثدرائياتهم لقوة وصلابة ورجولة تسمو فوق الجمال إلى العظمة والجلالة، وإن كانت تنقصها الرشاقة التي نشاهدها في روائع الفن الفرنسي.
وبعد أن مضت أربع سنين على مقتل بكت في كنتربري احترق موضع المرنمين في الكثدرائية (١١٧٤). وروع أهل البلدة لهذه الكارثة، وأخذوا