على الكنائس، لا يستثنى من هذا إلا عدد قليل منها في المدن التجارية مثل إيبر، وبروج، وغنت. وكان للعمارة المدنية في إيطاليا الشمالية والوسطى هما أغنى من الأراضي الوطيئة نفسها في الصناعة والتجارة، شأن عظيم في تنمية الفن القوطي، فقد اتخذت القاعات العامة، وجدران المدن، والأبواب، والأبراج، وقلاع سادة الإقطاع، وقصور التجارة، اتخذت هذه كلها الشكل القوطي أو الزخرف القوطي، وبدأت بروجيا دار بلديتها في عام ١٢٨١، وبدأت دارها العامة في ١٢٨٩، وبولونيا دارها الشعبية في ١٢٩٠، وبدأت فلورنس دارها الفذة الرشيقة المعروفة بقصر فيكو Vecchio في ١٢٩٨ - وكلها على الطراز القوطي التسكاني.
وفي أسيسي أراد الأخ إلياس في عام ١٢٢٨ بأن ينشئ مكاناً يتسع للعدد الجم من رهبانه الفرنسيين والطوائف المتزايدة من الحجاج إلى قبر القديس فرانسس، فأمر بتشييد دير سان فرانسيسكو وكنيستها العظيمة الاتساع- وهي أول كنيسة شيدت في إيطاليا على النظام القوطي. وعهد هذا العمل إلى رئيس البنائين ألماني يسميه الإيطاليون جاكوبو الألماني (يعقوب الألماني Jacopo d،Alemannia) ، ولعل هذا هو السبب في تسمية الطراز القوطي في إيطاليا "بالطراز الألماني". وشيد جاكوبو "كنيسة سفلى" على الطراز الرومنسي الذي فيه القبة ذات المنحنيات الزاوية عند ملتقى العقود، ثم أقام فوقها "كنيسة عليا" ذات نوافذ في عقودها محشوة بزخارف جميلة، وقباب مضلعة مستدقة. وتكون الكنيستان والدير كتلة من البناء ذات روعة، وإن كانت لا تبلغ في الإمتاع ما تبلغه المظلمات العجيبة التي أبدعتها أيدي سيمابيو Cimabue، وجيتو، وتلاميذ جيتو، أو السائحين الذين يهرعون كل يوم من مائة مدينة ومدينة إلى ضريح قديس إيطاليا المحبوب، أقل من يلقي المبالاة من هؤلاء القديسين.
ولا تزال سيينا حتى الآن من مدائن العصور الوسطى: فهي تتكون من