ميدان عام تحيط به دور الحمومة، وسوق عامة مكشوفة، تصل بها حوانيت متواضعة لا تبذل فيها جهود لاسترعاء النظر. ويتفرع من هذا الميدان المركزي نحو أثني عشر طريقاً تتعثر في طريقها الخطر الظليل بين مساكن قديمة مظلمة لا تكاد يبعد بعضها عن بعض بعشر أقدام، غاصة بخلائق بشوشين تفوح منهم روائح كريهة، الماء عندهم ترف أندر وأشد خطورة على أجسامهم من النبيذ. وتقوم على تل خلف المساكن كاتدرائية المدينة مبنية من الرخام القاتم والأبيض في سطور غير ذات جمال. وقد بديء بناء الكنيسة عام ١٢٢٩ وتم في عام ١٣٤٨، وأضيفت إلها في عام ١٣٨٠ واجهة جديدة ضخمة من تصميم خلفه جيوفني بيزانو. وكلها من الرخام الأحمر أو الأسود أو الأبيض، وفيها ثلاثة أبواب كبيرة رومنسية الطراز على جانبي كل منها قوائم منحوتة نحتاً بديعاً، وتحيط بها سقف هرمية ذات نقوش معقوفة، ونافذة متشععة ترشح أشعة الشمس المغاربة، وتمتد البواكي والعمد على طول الواجهة تطالع الناظر بطائفة كبيرة من التماثيل، وفي الأركان شماريخ وأبراج من الرخام الأبيض تقلل من حدة زواياها، وفي المقص العالي نقش فسيفسائي ضخم يمثل العذراء الأم تسبح صاعدة إلى الجنة. وكان الفنان الإيطالي مولعاً بالسطوح البراقة الملونة، ولم يكن كالفنان الفرنسي مولعاً بانعكاسات الضوء والظل الدقيقة على العمد الداخلية في الأبواب وعلى الواجهات ذات النحت الغائر. وليست هنا مساند للجدران، وتعلو فوق المرنمة قبة بيزنطية الطراز، تتحمل ثقلها جدران سميكة وعقود مستديرة متسعة اتساعاً كبيراً، تقوم على مجموعات من عمد الرخام، وتحمل قبة ذات أضلاع مستديرة ومستدقة. والطراز القوطي التسكاني لا يزال يغلب عليه هنا الطراز الرومنسي، ولا يزال بعيداً كل البعد عن طراز كنيستي أمين وكلوني الثقيل المعجز. وفي داخل الكنيسة منبر نقولا وجيوفني بيزانو، وتمثال برنزي لقائم بالتعميد صبه دونانللو Donatello، (١٤٥٧) ، ومظلمات من صنع بنتورتشيو Pinturicchio،