للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومذبح من صنع بلدساري بروزيو Baldassare Peruzzio، (١٥٣٢) ومقاعد للمرنمين كثيرة النقوش المنحوتة من عمل برتولميو نيروني Bartolomeo Neroni، (١٥٦٧) ، وهكذا استطاعت إيطاليا أن تنمو قرناً بعد قرن بفضل سلسلة متصلة الحلقات من العباقرة الإيطاليين.

وبينما كانت كاتدرائية سيينا وبرج أجراسها يتشكلان تناقل الناس من قرية بلسينا Bolsena معجزة كانت لها نتائج معمارية. ذلك أن قساً، كان في سابق أيامه يشك في عقيدة استحالة العشاء الرباني إلى لحم المسيح ودمه، اقتنع بصدق هذه العقيدة الدينية حين رأى الدم على الخبز المقدس، ولم يكتف البابا إربان الرابع بأن يخلد هذه المعجزة بضم "عيد الجسد" إلى الأعياد المسيحية (١٢٦٤)، بل أمر بتشييد كثدرائية في أرييفنو القريبة من قرية بلسينا. ووضع تصميم هذه الكاتدرائية أرنللو دي كمبيو Arnollo di Cambio ولورنزو مكاتني Lorenzo Mactani وظلا يعملان في تشيدها من ١٢٩٠ حتى ١٣٣٠. وجعلت واجهتها على طراز كاتدرائية سيينا، ولكنها أجمل منها صقلاً وتنفيذاً، وأحسن منها تناسباً في أجزائها، فكأنها تصوير ضخم من الرخام، كل عنصر من عناصرها آية فنية بذلت فيها عناية فائقة. وتروي النقوش البارزة المفصلة تفصيلاً لا يكاد يصدقه العقل، ولكنها مع ذلك دقيقة كل الدقة، وتتحدث هذه النقوش القائمة على العمد المربعة العريضة التي بين الأبواب مرة أخرى عن قصة خلق العالم، وحياة المسيح، وتطهير المسيح للجنس البشري من الذنوب والشقاء، ويوم الحساب. ويمتاز أحدها، وهو الذي يمثل زيارة العذراء لإليصابات، بأنه يرقى في ذلك العهد إلى الكمال الذي بلغه فن النحت في عصر النهضة. وهناك عمد منحوتة نحتاً دقيقاً تقسم مراحل الواجهة الشامخة الثلاث، وتأوى طائفة كبيرة من الأنبياء، والرسل والآباء، والقديسين. وتتوسط هذه المجموعة المعقدة نافذة مشععة تعزى إلى أركانيا Orcania، (١٣٥٩) ، وإن كان