بلاد الرين لطبع الحروف الأولى أو الرسوم على المنسوجات (٦). وكانت أشكال كثيرة من الاختزال تستخدم في تلك الأيام، وكلها أحط كثيراً من "العلامات النيرونية" التي توصل إليها أرقاء شيشرون.
وكانوا يكتبون على الجلد السميك، وأوراق البردي، والجلد الرقيق أو الورق، بريش الطير، أو بأقلام الغاب، ويستخدمون لذلك مداداً أسود أو ملوناً. واختفى البردي من الاستعمال العام في أوربا بعد فتح العرب مصر. وكان الرق من المتخذ من جلد الخراف الصغيرة غالي الثمن، وكان لذلك يُدخر للمخطوطات المترفة، أما الرق المتخذ من جلد الضأن السميك فكان هو المادة المعتادة للكتابة عليها في العصور الوسطى. وظل الورق مادة غالية الثمن تستورد من بلاد الإسلام، ولكن مصانع أقيمت لصناعته في ألمانيا وفرنسا في عام ١١٩٠، وشرعت أوربا في القرن الثالث عشر تصنع ورقاً من الكتان.
وكانت كثيراً من الرقوق يُمحى ما عليها من مخطوطات قديمة ليكتب عليها كتاب جديد، وكان يُطلق على هذه الرقوق اسم خاص هو palimsest ومعناه "المحو مرة ثانية". وقد فقدت كثير من الكتب القديمة بهذا المحو، وبالوضع الخاطئ للمخطوطات، وبالحروب والنهب، والحريق والتلف. فقد نهب الهون مكاتب الأديرة في بافاريا، ونهب أهل الشمال مكاتبها في فرنسا؛ وتلفت كثير من الكتب اليونانية حين نُهبت القسطنطينية في عام ١٢٠٤. وكانت الكنيسة في بادئ الأمر تعارض في قراءة الكتب الوثنية القديمة، وقامت أصوات مرتاعة في كل قرن تقريباً تندد بهذه الكتب، منها أصوات جريجوري الأول، وإزدو الأشبيلي، وبطرس دميان. ودمر توفيلس كبير أساقفة الإسكندرية كل ما وجده من المخطوطات الوثنية؛ كما أقنع القساوسة اليونان، على حد قول دمتريوس كلكنديلاس Demetrius Chalcondylas (٧) ، أباطرة الروم بإحراق جميع مؤلفات الشعراء الغزلين ومنهم سابفو وأنكريون. غير أنه