الكتاب أو الثناء عليه فيه. ولم يكن في وسعه أن يعلن عن كتابه إلا شفوياً، كما لم يكن في وسعه أن ينشره - أي يذيعه على الجمهور - إلا بالعمل على أن يستخدم في إحدى المدارس أو أن يتلى أمام من يستطيع جمعهم من المستمعين. وبهذه الطريقة قرأ جرالد من أهل ويلز حين عاد من أيرلندة في عام ١٢٠٠ كتابه في تخطيط هذا القطر Topography على جمعية في أكسفورد.
وأدى ارتفاع أثمان الكتب، وقلة الأموال اللازمة لإنشاء المدارس إلى انتشار الأمية إلى حد لو أنه وجد في بلاد اليونان أو الرومان الأقدمين لجلب لهم العار. فقد كانت معرفة القراءة والكتابة قبل عام ١١٠٠ في البلاد الواقعة شمال جبال الألب تكاد تكون مقصورة على "خدم الدين" - وهم رجال الدين، وَالحَسَبَة، والكَتَبة، وموظفو الحكومة، وأصحاب المهن. وما من شك في أن رجال الأعمال كانوا في القرن الثاني عشر ممن يعرفون القراءة والكتابة، لأنهم كانوا يحتفظون بحسابات دقيقة محكمة. وكان الكتاب في المنزل تحفة ثمينة؛ وكان في العادة يقرأ بصوت عال إلى عدد من المستمعين؛ وقد وضع الكثير من قواعد الترقيم والأسلوب فيما بعد لتيسير القراءة الشفوية؛ وكان يعنى كل العناية بتبادل الكتب بين الأسر بعضها وبعض، وبين مختلف الأديرة، والأقطار.
وكانت دور الكتب كثيرة العدد وإن قل حجمها. وكان القديس قد قرر أن يكون لكل دير بندكتي مكتبة؛ وكانت بيوت الكارثوزيين والسترسيين تجد في جمع الكتب رغم كراهية القديس برنار للعلم، كذلك كان لكثير من الكتدرائيات - أمثال كتدرائيات طليطلة، وبرشلونة، وبامبرج Bamberg وهلدسهايم Hildesheim - مكتبات كبيرة، فكان في كنيسة كنتر بري مثلاً ٥٠٠٠ كتاب في عام ١٣٠٠، ولكن هذا مثل نادر لا يقاس عليه (١٧)، أما معظم المكتبات فكان في الواحدة منها ما يقل عن مائة كتاب؛ وكان في مكتبة كلوني وهي من أحسن المكتبات ٥٧٠ مجلداً (١٨). وكان عند مانفر ملك