للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه رسوم غير ملونة بقوالب من المعدن المحمى. وجاء الفنانون المسلمون الذين استقروا في البندقية إلى أوربا بفن ملْ هذه الأجزاء المنخفضة من الغلاف بألوان ذهبية، أما الغلاف الخشبي فقد كان يزخرف أحياناً بالميناء أو العاج المحفور، أو يطعم بالذهب أو الفضة أو الجواهر. وكان مما عابه القديس جيروم على الرومان قوله "إن كتبكم مطعمة بالحجارة الثمينة، مع أن المسيح مات عارياً! " (١٤) وقل أن يوجد من الكتب الحديثة ما يضارع التجليد الفخم الذي حليت به كتب العصور الوسطى.

وكانت الكتب البسيطة نفسها من مواد الترف. فقد كان الكتاب العادي غير المزخرف يكلف مقتنيه ما بين ١٦٠ دولاراً ومائتي دولار من نقود الولايات المتحدة الأمريكية حسب قيمتها في عام ١٩٤٩ (١٥). وحسبنا شاهداً على هذا أن أحد زعماء حركة إحياء الآداب القديمة في القرن الثاني عشر وهو برنار من أهل شارتر قد خلف مكتبة لا تزيد مجلداتها على أربعة وعشرين مجلداً. وكانت إيطاليا أغنى بالكتب من فرنسا، ولهذا جمع أكرسيوس Accursius الأكبر عالمها القانوني الشهير ثلاثة وستين كتاباً. ونسمع عن نسخة عظيمة من الكتاب المقدس بيعت بعشر وزنات - أي بما لا يقل عن ١٠. ٠٠٠ دولار، وعن كتاب للصلواة استبدلت به رمة؛ وعن مجلدين من مؤلفات برشيان Prescian أحد النحاة في القرن الخامس بيعاً ببيت وأرض (١٦). وعاق غلو الكتب قيام تجارة بائعيها حتى القرن الثاني عشر؛ حين استأجرت مدن الجامعات رجالاً من الورَّاقين وأصحاب المكتبات لينظموا جماعات من النساخين ينسخون الكتب للمدرسين والطلاب، وكان هؤلاء الرجال يبيعون نسخاً منها لكل من يعني بأداء أثمانها. ويبدو أنهم لم يدر قط بخلدهم أن يؤدوا شيئاً من المال لمؤلف حي. وإذا أصر رجل ما على أن يؤلف كتاباً جديداً، كان عليه أن يؤدي نفقة كتابته، أو يبحث عن ملك، أو نبيل، أو ثري ينفحه بهبة من المال نظير إهدائه