كان يمتلك نسخة كاملة منه. (١٢) غير أن كتاب العهد الجديد وأسفاراً خاصة من العهد القديم كانت أوسع منه انتشاراً. وأخرجت في القرن الثاني عشر نسخ من الكتاب المقدس ضخمة الحجم، فخمة الزخرف؛ ولم يكن يستطاع استعمال هذه الكتب إلا على مكتب، وكان في ذلك عادة في مكتبة الدير، وكانت في بعض الأحيان تشد إلى المكتب بسلسة للمحافظة عليها. وقد روعت الكنيسة حين وجدت الولدنسيين والألبجنسيين ينشرون ويوزعون تراجمهم هم للكتب للمقدسة، ولهذا حرم مجلس من مجالس الكنيسة عقد في نربونه (١٢٢٧) على غير رجال الدين أن يكون لديهم أي جزء من الكتب المقدسة؛ ولقد تحدثنا عن هذا من قبل (١٣). ولكن يمكن القول بوجه عام إن الكنيسة لم تكن قبل القرن الرابع عشر تعارض في أن يقرأ الكتاب المقدس غير رجال الدين؛ وإن لم تكن تشجع هذه القراءة لأنها لم تكن تثق بتفسير العامة لأسرار الكتب الدينية.
وكان حجم الكتاب وعدد صفحاته يحددهما ما يستطاع وجوده من الجلود، وكان كل جلد منها يطبق لتتكون منه "ملزمة"؛ ولم تكن الكتب بعد القرن الخامس تصدر في صورة ملفات كما كانت تصدر في العهود القديمة (١)، بل كانت الجلود تقطع قطعاً مستطيلة لتكون ملازم من أربع أوراق، أو ثمان، أو اثنتي عشرة ورقة أو ست عشرة. وكانت ملازم مكونة من ست عشرة ورقة تضم مؤلفات طويلة في كتب صغيرة الحجم توضع في الجيب لتكون سهلة الاستعمال. وكانت تغلف أحياناً بالرق السميك أو القماش، أو الجلد المدبوغ، أو الورق المقوى. وكان الغلاف المصنوع من الجلد يزخرف أحياناً بأن تطبع
(١) وظل كثير من السجلات الحكومية يكتب في مؤلفات؛ حتى أن "أنابيب الملفات، كانت تستعمل في إنجلترا من عام ١١٣١ إلى عام ١٨٣٣. وكان المكلف بالمحافظة على هذه السجلات يسمى صاحب الملفات".